مذهب الماتريدية المثبتين للأفعال جهة محسنة أو مقبحة قبل ورود الشرع أنه إن كان في الفعل جهة تقتضي القبح فذلك الفعل محال في حقه تعالى فتركه واجب عنه سبحانه لا واجب عليه D وذلك كالتكليف بما لا يطاق عندهم وكالكذب عند محققي الأشاعرة والماتريدية وإن لم يكن فيه تلك الجهة فذلك الفعل ممكن له تعالى وليس بواجب عليه سبحانه فهم يوافقون الأشاعرة في أنه تعالى لا يجب عليه شيء انتهى .
ومن أنكر أن كون البعث نقصا كالكذب فقد كابر عقله وأبلغ من هذا أنه يفهم من كلام بعض المحققين القول بوجوب رعاية مطلق الحكمة عليع سبحانه لئلا يلزم أحد المحالات المشهورة وأن المراد من نفي الأصحاب الوجود عليه تعالى نفي الوجوب في الخصوصيات على ما يقوله المعتزلة ولعله حينئذ يراد بالوجوب لزوم صدور الفعل عنه تعالى بحيث لا يتمكن من تركه بناء على استلزامه محالا بعد صدور موجبه اختيارا لا مطلقا ولا بشرط تمام الإستعداد لئلا يلزم رفض قاعدة الإختيار كما لا يلزم رفضها في اختيار الإمام الرازي ما اختاره كثير من الأشاعرة من لزوم العلم للنظر عقلا ومع هذا ينبغي التحاشي عن إطلاق الوجوب عليه تعالى فتدبره فإنه مهم .
وقيل معنى من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات أي لاتخذناه من ذلك لا من الأجرام المرفوعة والأجسام الموضوعة كديدن الجبابرة في رفع العروش وتحسينها وتسوية الفروش وتزيينها انتهى .
ولا يخفى أن أكثر أهل السنة على إنكار المجردات ثم على تقدير تفسير الآية بما ذكر المراد الرد على من يزعم اتخاذ اللهو في هذا العالم لا أنه يجوز اتخاذه في المجردات بل هو فيها أظهر في الإستحالة وعن الجبائي أن المعنى لو أردنا اتخاذ اللهو لاتخذناه من عندنا بحيث لا يطلع عليه أحد لأنه نقص فستره أولى أو هو أسرع تيادرا مما في الكشف وذلك أبعد مغزى وقال الإمام الواحدي : اللهو طلب الترويح عن النفس ثم المرأة تسمى لهوا وكذا الولد لأنه يستروح منهما ولهذا يقال لامرأة الرجل وولده ريحانتاه والمعنى لو أردنا أن تنخذ امرأة ذات لهو أو ولدا ذا لهو لاتخذناه من لدنا أي مما نصطفيه ونختاره مما نشاء كقوله تعالى لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء وقال المفسرون : أي من الحور العين وهذا رد لقول اليهود في عزير وقول النصارى في المسيح وأمه من كونه عليه السلام ولدا وكونها صاحبة ومعنى من لدنا من عندنا لا يجري لأحد فيه تصرف لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره انتهى .
وتفسير اللهو بالولد مروي عن ابن عباس والسدي وعن الزجاج أنه الولد بلغة حضرموت وكونه بمعنى المرأة حكاه قتادة عن أهل اليمن ولم ينسبه لأهل بلدة منه وزعم الطبرسي أن أصله الجماع ويكنى به عن المرأة لأنها تجامع وأنشد قول امريء القيس : إلا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي والظاهر حمل اللهو على نا سمعت أولا لقوله تعالى وما بينهما لاعبين ولأن نفي الولد سيجيء مصرحا إن شاء الله تعالى ويعلم من ذلك أن كون المراد الرد على النصارى وأضرابهم غير مناسب هنا ثم إن الظاهر من السياق أن إن شرطية والجواب محذوف ثقة بدلالة ما قبل عليه أي إن كنا فاعلين لاتخذناه من لدنا وكونها نافية وإن كان حسنا معنى وقد قاله جماعة منهم مجاهد والحسن وقتادة وابن جريج استدرك عليهم بعضهم بأن أكثر مجيء إن النافية مع اللام الفارقة لكن الأمر في ذلك سهل وقوله تعالى بل نقذف بالحق على الباطل