على سبيل التمثيل ومثل ذلك غير قليل وفي قوله سبحانه وأنشأنا بعدها أي بعد إهلاك أهلها لا بعد تلك الفعلة كما توهم قوما آخرين .
11 .
- أي ليسوا منهم في شيء تنبيه على استئصال الأولين وقطع دابرهم بالكلية وهو السر في تقديم حكاية إنشاء هؤلاء على حكاية مبادي إهلاك أولئك بقوله سبحانه : فلما أحسوا بأسنا فضمير الجمع للأهل لا لقوم آخرين إذ لا ذنب لهم يقتضي ما تضمنه هذا الكلام والإحساس الإدراك بالحاسة أي فلما أدركوا بحاستهم عذابنا الشديد ولعل ذلك العذاب كان مما يدرك بإحدى الحواس الظاهرة وجوز أن يكون في البأس استعارة مكنية ويكون الإحساس تخييلا وأن يكون الإحساس مجازا عن مطلق الإدراك أي فلما أدركوا ذلك إذا هم منها أي من القرية فمن ابتدائية أو من البأس والتأنيث لأنه في معنى النقمة والبأساء فمن تعليلية وهي على الإحتمالين متعلقة بقوله تعالى يركضون .
12 .
- وإذا فجائية والجملة جواب لما وركض من باب قتل بمعنى ضرب الدابة برجله وهو متعد وقد يرد لازما كركض الفرس بمعنى جرى كما قاله أبو زيد ولا عبرة بمن أنكره والركض هنا كناية عن الهرب أي فإذا هم يهربون مسرعين راكضين دوابهم .
وجوز أن يكون المعنى مشبهين بمن يركض الدواب على أن هناك استعارة تبعية ولا مانع من حمل الكلام على حقيقته على ما قيل لا تركضوا أي قيل لهم ذلك والقائل يحتمل أن يكون ملائكة العذاب أو من كان ثمة من المؤمنين قالوا ذلك على سبيل الهزء بهم وقال ابن عطية : يحتمل على الرواية السابقة أن يكون القائل من جيش بختنصر وأراد بذلك خدعهم والإستهزاء بهم وقيل يحتمل أن يكون المراد يجعلون خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل على معنى أنهم بلغوا في الركض والفرار من العذاب بعد الإتراف والتنعم بحيث من رآهم قال لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه من النعم والتلذذ والإتراف إبطار النعمة وفي ظرفية وجوز كونها سببية ومساكنكم التي كنتم تفتخرون بها لعلكم تسئلون .
13 .
- تقصدون للسؤال والتشاور والتدبير في المهمات والنوازل أو تسئلون عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومنازلكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة أو يسألكم حشمكم وعبيدكم فيقولوا لكم بم تأمرون وماذا ترسمون وكيف نأتي ونذر كما كنتم من قبل أو يسألكم الوافدون نوالكم أما لأنهم كانوا استخياء ينفقون أموالكم رئاء الناس وطلب الثناء أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم وقيل على الرواية المتقدمة المعنى لعلكم تسئلون صلحا أو جزية أو أمرا تتفقون مع الملك عليه وقيل المراد بمساكنهم النار فيكون المراد بارجعوا إلى مساكنكم ادخلوا النار تهكما والمراد بالسؤال السؤال عن الأعمال أو المراد به العذاب على سبيل المجاز المرسل يذكر السبب وإرادة المسبب أي ادخلوا النار كي تسئلوا أو تعذبوا على ظلمكم وتكذيبكم بآيات الله تعالى وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى .
قالوا لما يئسوا من الخلاص بالهرب وأيقنوا استيلاء العذاب يا ويلتنا يا هلاكنا إنا كنا ظالمين .
14 .
- بآيات الله تعالى مستوجبين للعذاب وهذا اعتراف منهم بالظلم واستتباعه للعذاب وندم عليه حين لا ينفعهم ذلك وقيل على الروية السالفة إن هذا الندم والإعتراف كان منهم حين أخذتهم السيوف ونادى مناد