ولا تتبع الماضي سؤالك لم مضى وعرج على الباقي وسائله لم بقى بل لا يبعد أن تكون الممكنات مطلقا كذلك فقد قالوا : إن الممكن إذا خلى وذاته يكون معدوما إذ العدم لا يحتاج إلى علة وتأثير بخلاف الوجود ولا يلزم على هذا أن يكون العدم مقتضى الذات حتى يصير ممتنعا إذ مرجع ذلك إلى أولوية العدم وأليقيته بالنسبة إلى الذات ويشير إلى ذلك على ما قيل قول أبي على في الهيئات الشفاء للمعلوم في نفسه أن يكون ليس وله عن علته أن يكون آيسا وقولهم باستواء طرفي الممكن بالنظر إلى ذاته معناه استواؤه في عدم وجوب واحد منهما بالنظر إلى ذاته وقولهم علة العدم عدم علة الوجود بمعنى أن العدم لا يحتاج إلى تأثير وجعل بل يكفيه انعدام العلة لا أن عدم العلة مؤثرة في عدم المعلول ولعل في قوله صلى الله عليه وسلّم ما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن إشارة إلى هذا فتدبر وقوله تعالى : ثم صدقناهم الوعد قيل : عطف على ما يفهم من حكاية وحيه تعالى إلى المرسلين على الإستمرار التجددي كأنه قيل : أوحينا إليهم ما أوحينا ثم صدقناهم الوعد الذي وعدناهم في تضاعيف الوحي بإهلاك أعدائهم وقيل : عطف على نوحي السابق بمعنى أوحينا وتوسيط الأمر بالسؤال وما معه اهتماما بإلزامهم والرد عليهم وقال الخفاجي : هو عطف على قوله تعالى : أرسلنا وثم للتراخي الذكرى أي أرسلنا رسلا من البشر وصدقناهم ما وعدناهم فكذا محمد A فاحذروا تكذيبه ومخالفته فالآيات كما تضمنت الجواب تضمنت التهديد انتهى وفيه تأمل ونصب الوعد على نزع الخافض والأصل صدقناهم في الوعد ومنه صدقوهم القتال وصدفني سن بكره وقيل : على أنه مفعول ثان وصدق قد تتعدى للمفعولين من غير توسيط حرف الجر أصلا .
فأنجيناهم ومن نشاء أي من المؤمنين بهم كما عليه جماعة من المفسرين وقيل منهم ومن غيرهم ممن تستدعي الحكمة إبقائه كمن سيؤمن هو أو بعض فروعه بالآخرة وهو السر في حماية الذين كذبوه وآذوه A من عذاب الإستئصال ورجح ما عليه الجماعة بالمقابلة بقوله وأهلكنا المسرفين .
9 .
- وذلك لحمل التعريف على الإستغراق والمسرفين على الكفار مطلقا لقوله تعالى وأن المسرفين هم أصحاب النار بناء على أن المراد بأصحاب النار ملازموها والمخلدون فيها ولا يخلد فيها عندنا إلا الكفار ومن عمم أولا قال : المراد بالمسرفين من عدا أولئك المنجين والتعبير بمن نشاء دون من آمن أو من معهم مثلا ظاهر في أن المراد بذلك المؤمنون وآخرون معهم ولا يظهر على التخصيص وجه العدول هما ذكر إلى ما في النظم الكريم والتعبير بنشاء مع أن الظاهر شئنا لحكاية الحالية الماضية وقوله سبحانه لقد أنزلنا إليكم كتابا كلام مستأنف مسوق لتحقيق حقية القرآن العظيم الذي ذكر صدر السورة الكريمة إعراض الناس عما يأتيهم من آياته واستهزاؤهم واضطرابهم في أمره وبيان علو مرتبته إثر تحقيق رسالته A ببيان أنه كسائر الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام قد صدر بالتوكيد القسمي إظهارا لمزيد الإعتناء بمضمونه وإيذانا بكون المخاطبين في أقصى مراتب النكير والخطاب لقريش وجوز أن يكون لجميع العرب وتنوين كتابا للتعظيم والتفخيم أي كتابا عظيم الشأن نير البرهان وقوله D فيه ذكركم صفة له مؤكدة لما أفاده التنكير التفخيمي من كونه جليل القدر بأنه جميل الآثار مستجلب لهم منافع جليلة والمراد بالذكر كما أخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن المنذر وغيرهما عن ابن عباس الصبت والشرف مجازا أي فيه ما يوجب الشرف لكم لأنه بلسانكم ومنزل على نبي منكم تتشرفون بشرفه