الميم كثير استعماله تحوزه اليد ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الانسان والمعنى عليه كالمعنى على المفتوح الميموالمصدر في هذين الوجهين مضاف إلى الفاعل والمفعول مقدر أي يملكنا الصواب ولكنا حملنا اوزارا من زينة القوم استدراك عما سبق واعتئار عما فعلوا ببيان منشأ الخطأ والمراد بالقوم القبط والاوزار الاحمال وتسمى بها الآثام وعنوا بذلك مااستعاروه من القبط من الحلي برسم التزيين في عيد لهم قبيل الخروج من مصر كما اسلفنا وقيل : استعاروه باسم العرس وقيل : هو ما ألقاه البحر على الساحل مما كان على الذين غرقوا ولعلهم اطلقوا على ذلك الاوزار مرادا بها الاثام من حيث أن الحلي سبب لها غالبالما أنه يلبس في الاكثر للفخر والخيلاء والترفع على الفقراء وقيل : من حيث أنهم اثموا بسببه وعبدوا العجل المصوغ منه وقيل من حيث أن ذلك الحلي صار بعد هلاك اصحابه في حكم الغنيمة ولم يكن مثل هذه الغنيمة حلالا لهم بل ظاهر الأحاديث الصحيحة أن الغنائم سواء كانت من المنقولات ام لا لم تحل لأحد قبل نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم والرواية السابقة في كيفية الاضلال توافق هذا التوجيه إلا أنه يشكل على ذلك ما روى من أن موسى عليه السلام هو الذي أمرهم بالاستعارة حتى قيل : إن فاعل التحميل في قولهم حملنا هو موسى عليه السلام حيث الزمهم ذلك بأمرهم بالاستعارة وقد ابقاه في ايديهم بعد هلاك اصحابه واقرهم على استعماله فاذا لم يكن حلالا فكيف يقرهم وكذا يقال على القول بأن المراد به ماالقاه البحر على الساحل واحتمال أن موسى عليه السلام نهى عن ذلك وظن الأمتثال ولم يطلع على عدمه لاخفاء الحال عنه عليه السلام مما لايكاد يلتفت إلى مثله اصلا لاسيما على رواية أنهم أمروا باستعارة دواب من القوم أيضا فاستعاروها وخرجوا بها .
وقد يقال : أن أموال القبط مطلقا بعد هلاكهم كانت حلالا عليهم كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى كم تركوا من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني اسرائيل وقد أضافه سبحانه الحلي اليهم في قوله تعالى واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا وذلك يقتضي بظاهره أن الحلي ملك لهم ويدعى اختصاص الحل فيما كان الرد فيه متعذرا لهلاك صاحبه ومن يقوم مقامه ولاينافي ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : احلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي لجواز أن يكون المراد به احلت لي الغنائم على أي وجه كانت ولم تحل كذلك لأحد قبلي وتكون تسميتهم ذلك اوزارا إما لما تقدم من الوجه الأول والثاني وإما لظنهم الحرمة لجهلهم في انفسهم أو لالقاء السامري الشبهة عليهم وقيل : إن موسى عليه السلام امره الله تعالى أن يأمرهم بالاستعارة فأمرهم وأبقى مااستعاروه بأيديهم بعد هلاك اصحابه بحكم ذلك الأمر منتظرا ما يامر الله تعالى به بعد وقد جاء في بعض الأخبار مايدل على أن الله سبحانه بين حكمه على لسان هرون عليه السلام بعد ذهاب موسى عليه السلام للميقات كما سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك والجار والمجرور يحتمل أن يكون متعلق بحملنا وان يكون متعلقا بمحذوف وقع صفة لااوزارا ولايتعين ذلك بناء على قولهم : إن الجمل والظروف بعد النكرات والصفات وبعد المعارف احوال لأن ذلك ليس على اطلاقه .
وقرأ الأخوان وابو عمرو وابن محيصن حملنا بفتح الحاء والميم وابو رجاء حملنا بضم الحاء وكسر الميم من غير تشديد فقذفناها أي طرحناها في النار كما تدل عليه الأخبار وقيل : أي ألقيناها