ابي حيان والعامل فيها هنا القوا عند أبى البقاء ورد بأن الفاء تمنع من العمل وفى البحر إنما هى معمولة لخبر المبتدأ الذى هو حبالهم وعصيهم إن لم نجعلها هى فى موضع الخبر جملة يخيل وإذا جعلناها فى موضع الخبر وجعلنا الجملة فى موضع الحال فالأمر واضح وهذا نظير خرجت فاذا الأسد رابض ورابضا ولصحة وقوعها خبرا يكتفى بها وبالمرفوع بعدها كلاما فيقال : خرجت فاذا الأسد ونص الأخفش فى الأوسط على انها قد يليها جملة فعلية مصحوبة بقد فيقال : خرجت فاذا ضرب زيد عمرا وفى الكشاف التحقيق فيها أنها إذا الكائنة بمعنى الوقت الطالبة ناصبا لها وجملة تضاف اليها خصت فى بعض المواضع بأن يكون ناصبها فعلا مخصوصا وهو فعل المفاجأة والجملة ابتدائية لا غير فتقدير الآية ففاجأ موسى وقت تخيل سعى حبالهح وعصيهم وهذا تمثيل والمعنى على مفاجأة حبالهم وعصيهم مخيلة اليه السعى انتهى ةفيه من المخالفة لما قدمنا ما فيه لكن أمر العطف عليه أوفق كما لا يخفى وعنى بقوله : هذا تمثيل أنه تصوير للاعراب وأن إذا وقتية أوقع عليها فعل المفاجأة توسعا لأنها سدت مسد الفعل والمفعول ولان مفاجأة الوقت يتضمن مفاجأة ما فيه بوجه أبلغ وما قيل : إنه أراد الأستعارة التمثيلية فيحتاج إلى تكلف لتحصيلها وضمير اليه الظاهر أنه لموسى عليه السلام بل هو كالمتعين وكان ذلك من باب السيمياء وهى علم يقتدر به على إراء الصورة الذهنية لكن يشترط غالبا أن يكون لها مادة فى الخارج فى الجملة ويكون ذلك على ما ذكره الشيخ محمد عمر البغدادى فى حاشيته على رسالة الشيخ عبد الغنى النابلسى فى وحدة الوجود بواسطة أسماء وغيرها .
وذكر العلامة البيضاوى فى بعض رسائله أن علم السيمياء حاصله إحداث مثالات خيالية لا وجود لها فى الحس ويطلق على إيجاد تلك المثالات بصورها فى الحس وتكون صورا فى جوهر الهواء وهى سريعة الزوال بسبب سرعة تغير جوهره ولفظ سيمياء معرب شيم يه ومعناه اسم الله تعالى انتهى وما ذكره من سرعة الزوال لا يسلم كليا وهو عندى بعض من علم السحر وعرفه البيضاوى بأنه علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة باسباب خفيفة ثم قال : والسحر منه حقيقى ومنه غير حقيقى ويقال له : الأخذ بالعيون وسحرة فرعون أتوا بمجموع الأمرين انتهى والمشهور أن هؤلاء السحرة جعلوا من الحبال والعصى زئبقا فلما اصابتها حرارة الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه عليه السلام انها تتحرك وتمشى كشئ فيه حياة .
ويروى أنه عليه السلام رآها كأنها حيات وقد اخذت ميلا فى ميل وقيل : حفروا الأرض وجعلوا فيها نارا ووضعوا فوقها تلك الحبال والعصى فلما اصابتها حرارة النار تحركت ومشت وفى القلب من صحة كلا القولين شئ .
والظاهر أن التخيل من موسى عليه السلام قد حصل حقيقة بواسطة سحرهم وروى ذلك عن وهب .
وقيل : لم يحصل والمراد من الآية أنه عليه السلام شاهد شيئا لو لا علمه بأنه لا حقيقة له لظن فيها انها تسعى فيكون تمثيلا وهو خلاف الظاهر جدا وقرأ الحسن وعيسى عصيهم بضم العين واسكان الصاد وتخفيف الياء مع الرفع وهو جمع كما فى القراءة المشهورة وقرأ الزهرى والحسن وعيسى وابو حيوة وقتادة والجحدرى وروح وابن ذكوان وغيرهم تخيل بالتاء الفوقانية مبنيا للمفعول وفيه ضمير الحبال والعصى و انها تسعى بدل اشتمال من ذلك الضمير ولا يضر الابدال منه كونه رابطا لكونه ليس ساقطا من كل الوجوه .
وقرأ أبو السمال تخيل بفتح التاء أي تتخيل وفيه أيضا ضمير ما ذكر و انها تسعى بدل منه أيضا وقال ابن عطيه :