في شرح الأسرار الالهية وقيل : أنه عليه السلام سأل حل عقدة الحياء قانه استحيا أن يخاطب عدو الله تعالى بلسان به خاطب الحق جل وعلا ولعله أراد من القول المضاف القول الذى به ارشاد للعباد فان همة العارفين لا تطلب النطق والمكالمة مع الناس فيما لا يحصل به ارشاد لهم نعم النطق من حيث هو فضيلة عظيمة وموهبة جسيمة ولهذا قال سبحانه الرحمن علم القرإن خلق الانسان علمه البيان من غير توسيط عاطف وعن على كرم الله تعالى وجهه ما الانسان لولا اللسان إلا صورة مصورة أو بهيمة مهملة وقال رضى الله تعالى عنه : المرء مخبوء تحت طى لسانه لا طيلسانه وقال رضى الله تعالى عنه : المرء باصغريه قلبه ولسانه وقال زهير : لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم ومن الناس من مدح الصمت لأنه اسلم يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل وفى نوابغ الكلم ق فاك لا يقرع قفاك والانصاف أن الصمت فى نفسه ليس بفضيلة لأنه أمر عدمى والمنطق فى نفسه فضيلة لكن قد يصير رذيلة لاسباب عرضية فالحق ما أشار اليه صلى الله عليه وسلّم بقوله : رحم الله تعالى امرا قال خيرا فنغم اوسكت فسلم وذكر فى وجه عدم طلبه عليه السلام الفصاحة الكاملة انها نصيب الحبيب E فقد كان A أفصح من نطق بالضاد فما كان له أن يطلب ما كان له واجعل لى وزيرا من أهلى هرون أخى أشدد به أزرى وأشركه فى أمرى فيه إشارة إلى فضيلة التعاون فى الدين فانه من أخلاق المرسلين عليهم صلوات الله تعالى وسلامه أجمعين والوزارة المتعارفة بين الناس ممدوحة إن زرع الوزير فى ارضها ما لا يندم عليه وقت حصاده بين يدى ملك الملوك وفيه إشارة أيضا إلى فضيلة التوسط بالخير للمستحقين لا سيما إذا كانوا من ذوى القرابة .
ومن منع المستوجبين فقد ظلم .
وفى تقديم موسى عليه السلام مع أنه أصغر سنا على هرون عليه السلام مع أنه الأكبر دليل على أن الفضل غير تابع للسن فالله تعالى يختص بفضله من يشاء إنك كنت بنا بصيرا فى ختم الأدعية بذلك من حسن الأدب مع الله تعالى مالا يخفى وهو من أحسن الوسائل عند الله D ومن آثار ذلك استجابة الدعاء ولقد مننا عليك مرة أخرى تذكير له عليه السلام بما يزيد إيقانه وفيه إشارة إلى أنه تعالى لا يرد بعد القبول ولا يحرم بعد الأحسان ومن هنا قيل : إذا دخل الأيمان القلب آمن السلب وما رجع من رجع إلا من الطريق واصطنعتك لنفسى افردتك لى بالتجريد فلا يشغلك عنى شئ فلبثت سنين فى أهل مدين أشير بذلك إلى خدمته لشعيب عليه السلام وذلك تربية منه تعالى له بصحبة المرسلين ليكون متخلقا بأخلاقهم متحليا باآدابهم صالحا للحضرة ولصحبة الأخيار نفع عظيم عند الصوفية وبعكس ذلك صحبة الأشرار ثم جئت على قدر يا موسى وذلك زمان كمال الأستعداد ووقت بعثة الأنبياء عليهم السلام وهو زمن بلوغهم أربعين سنه ومن بلغ الأربعين ولم يغلب خيره على شره فلينح على نفسه وليتجهز إلى النار اذهبا إلى فرعون إنه طغى جاوز الحد فى المعصية حتى ادعى الربوبية وذلك أثر سكر القهر الذى هو وصف النفس الأمارة ويقابله سكر اللطف وهو وصف الروح ومنه ينشا الشطح ودعوى الأنانية قالوا : وصاحبه معذور