السلام عن اظهار لين الجانب للكفرة فان ذلك سبب لصدهم إياه عليه السلام كما في قوله : لا ارينك ههنا فان المراد به نهى المخاطب عن الحضور لديه الموجب لرؤيته فكانه قيل : كن شديد الشكيمة صلب المعجم حتى لا يتلوح منك لمن يكفر بالساعة وينكر البعث أنه يطمع في صدك كما انت عليه وفيه حث على الصلابة في الدين وعدم اللين المطمع لمن كفر وانبع هواه أي ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية فصده عن الأيمان فتردى .
16 .
- أي فتهلك فان الاغفال عن الساعة وعن تحصيل ما ينجى عن احوالها مستتبع للهلاك لا محالة .
وذكر العلامة الطيبى أنه يمكن أن يحمل من لايؤمن على المعرض عن عبادة الله تعالى المتهالك في الدنيا المنغمس في لذاتها وشهواتها بدليل واتبع الخ ويحمل نهى الصد على نهى النظر إلى متمتعاته من زهرة الحياة الدنيا ليكون على وزان قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا الخ ويحمل متابعة الهوى على الميل إلى الاخلاد إلى الأرض كقوله تعالى ولكنه اخلد إلى الأرض واتبع هواه يعنى تفرغ لعبادتى ولا تلتفت إلى ما الكفرة فيه فانه مهلك فان ما أو ليناك واخترناه لك هو المقصد الاسنى وفي هذا حث عظيم على الاشتغال بالعبادة وزجر بليغ عن الركون إلى الدنيا ونعيمها ولا يخلو عن حسن وان كان خلاف الظاهر و تردى يحتمل أن يكون منصوبا في جواب النهى وان يكون مرفوعا والجملة خبر مبتدأ محذوف أي فانت تردى بسبب ذلك وقرأ يحيى فتردى بكسر التاء .
وما تلك بيمينك يا موسى .
17 .
- شروع في حكاية ما كلفه عليه السلام من الامور المتعلق بالخلق اثر حكاية ما أمر به من الشؤن الخاصة بنفسه فما استفهاميه في محل الرفع بالابتداء و تلك خبره أو بالعكس وهو ادخل بحسب المعنى واوافق بالجواب و بيمينك متعلق بمضمر وقع حالا من تلك أي وما تلك قارة أو ماخوذة بيمينك والعامل فيه ما فيه من معنى الاشارة كما في قوله عز وعلا حكاية وهذا بعلى شيخا وتسميه النحاة عاملا معنويا .
وقال ابن عطية : تلك اسم موصول و بيمينك متعلق بمحذوف صلته أي وما التى استقرت بيمينك وهو على مذهب الكوفيين الذين يقولون أن كل اسم اشارة يجوز أن يكون اسما موصولا ومذهب البصريين عدم جواز ذلك إلا فى ذا بشرطه والاستفهام تقريرى وسياتى قريبا أن شاء الله تعالى بيان المراد منه قال هى عصاى نسبها عليه السلام إلى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة اليه عليه السلام واسمها على ما روى عن مقاتل نبعة وكان عليه السلام قد اخذها من بيت عصى الأنبياء عليهم السلام التي كانت عند شعيب حين أستاجره للرعى هبط بها آدم عليه السلام من الجنة وكانت فيما يقال من اسهاوقال وهب : كانت من العوسج وطولها عشرة اذرع على مقدار قامته عليه السلاموقيل : اثنتا عشرة ذراعا بذراع موسى عليه السلام وذكر المسند اليه وان كان هو الأصل لرغبته عليه السلام في المناجاة ومزيد لذاذته بذلكوقرأ ابن أبى إسحق والجحدرى عصى بقلب الالف ياء وادغامها في ياء المتكلم على لغة هذيل فانهم يلبون الالف التي قبل ياء المتكلم ياء للمجانسة كما يكسر ماقبلها في الصحيح قال شاعرهم : سبقوا هوى واعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع وقرأ الحسن عصاى بكسر الياء وهي مروية عن أبى ابن اسحق أيضا وابى عمرووهذه الكسرة