والحاكم وصححه عن ابن مسعود أنه قرأ الآية وقال : أن الله تعالى يقول يوم القيامة : من كان له عندي عهد فليقم فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد اليك في هذه الحياة الدنيا انك أن تكلنى إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وانى لا اثق إلا برحمتك فاجعله لى عهدا عندك تؤديه إلى يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد وأخرج ابن أبى شيبة عن مقاتل أنه قال العهد الصلاح وروى نحوه عن السدي وابن جريج وقال الليث : هو حفظ كتاب الله تعالى وتسميت ما ذكر عهد على سبيل التشبيه وقيل : المراد بالعهد الأمر والاذن من قولهم : عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا امره به أي لا يملك العباد أن يشفعوا إلا من اذن الله D له بالشفاعه وامره بها فانه يملك ذلك ولا يابى عند الاتخاذ اصلا فانه كما يقال : اخذت الاذن في كذا يقال : اتخذته نعم في قوله تعالى عند الرحمن نوع اباء عنه مع أن الجمهور على الأول والمراد بالشفاعه على القولين ما يعم الشفاعه في دخول الجنة والشفاعه في غيره ونازع في ذلك المعتزله فلم يجوزوا الشفاعه في دخول الجنة والأخبار تكذبهم فعن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أن الرجل من امتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة بشفعاتهم وان الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته وجوز ابن عطيه أن يراد بالشفاعه الشفاعه العامه في فصل القضاء وبمن اتخذ النبى A وبالعهد الوعد بذلك في قوله سبحانه وتعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وهو خلاف الظاهر جدا وعلى الوجه الثاني في ضمير الجمع الأستثناء من الشفاعه بتقدير مضاف وهو متصل ايضا وفي المستثنى الوجهان السابقان أي لا يملك المتقون الشفاعه إلا شفاعة من اتخذ عند الرحمن عهدا والمراد به الأيمان واضافة المصدر إلى المفعول وقيل : المستثنى من محذوف على هذا الوجه أي لا يملك المتقون الشفاعة لأحد إلا من اتخذ الخ أي إلا لمن اتصف بالأيمان وجوز أن يكون الأستثناء من الشفاعة بتقدير المضاف على الوجه الأول في الضمير أيضا وان يكون المصدر مضافا لفاعله أو مضافا لمفعوله وجوز عليه أيضا أن يكون المستثنى منه محذوفا كما سمعت وعلى الوجه الثالث الأستثناء من الضمير وهو متصل ايضا وفي المستثنى الوجهان أي لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان مؤمن فانه يملك أن يشفع له وقيل : الأستثناء على تقدير رجوع الضمير إلى المجرمين منقطع لأن المراد بهم الكفار وحمل ذلك على العصاة والكفار بعيد كما قال أبو حيان والمستثنى حينئذ لازم النصب عند الحجازين جائز نصبه وإبداله عند تميم .
وجوز الزمخشرى أن تكون الواو في لايملكون علامة الجمع كالاتي في اكلونى البراغيث والفاعل من اتخذ لأنه في معنى الجمع وتعقبه أبو حيان بقوله لا ينبغي حمل القرآن على هذه اللغة القليلة مع وضوح جعل الواو ضميرا وذكر الاستاذ أبو الحسن بن عصفور انها لغة ضعيفة وايضا فالواو والالف والنون التي تكون علامات لا يحفظ ما يجيئ بعدها فاعلا إلا بصريح الجمع وصريح التثنيه أو العطف أماأن ياتي بلفظ مفرد يطلق على جمع أو مثنى فيحتاج في اثباته إلى نقل وأماعود الضمائر مثناة ومجموعة على مفرد في اللفظ يراد به المثنى والمجموع فمسموع معروف في لسان العرب فيمكن قياس هذه العلامات على تلك الضمائر ولكن الاحوط أن لا يقال ذلك إلا بسماع انتهى وتعقبه أيضا ابن المنير بأن فيه تعسفا لأنه إذا جعل الواو علامة لمن ثم اعادا على لفظها بالأفراد ضمير اتخذ كان ذلك اجمالا بعد إيضاح وهو تعكيس في طريق البلاغة التي