من الأشياء أو شيئا من الأغناء فهو نصب على المفعولية أتو المصدرية ولقد سلك عليه السلام في دعوته احسن منهاج واحتج عليه ابد احتجاج بحسن ادب وخلق ليس له من هاج لئلا يركب متن المكابرة والعناد ولا ينكب بالكلية عن سبيل الرشاد حيث حيث طلب منه علة عبادته لما يستخف به عقل كل عاقل من عالم وجاعل ويأبى الركون اليه فضلا عن عبادته التي هي الغاية القاصية من التعظيم مع انها لا تحق إلا لمن له الأستغناء التام والأفعام العام الخالق الرازق المحيي المميت المثيب المعاقب ونبه على أن العاقل يجب أن يفعل كل ما يفعل لداعية صحيحة وغرض صحيح والشيئ لو كان حيا مميزا سميعا بصيرا قادرا على النفع والضر لكن كان ممكنا لاستنكف ذو العقل السليم عن عبادته وإن كان اشرف الخلائق لما يراه مثله في الحاجة والانقياد للقدرة القاهرة الواجبية فما ظنك بجماد مصنوع ليس له من اوصاف الأحياء عين ولا اثر .
ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديه إلى الحق المبين لما أنه لم يكن محظوظا من العلم الالهى مستقلا بالنظر السوى مصدرا لدعوته بما مر من الاستعطاف حيث قال يا أبت إني قد جاءني من العلم مالم يأتك ولم يسم أباه بالجهل المفرط وإن كان في اقصاه ولا نفسه بالعلم الفائق وإن كان كذلك بل ابرز نفسه في صورة رقيق له يكون أعرف باحوال ما سلكاه من الطريق فاستماله برفق حيث قال فاتبعني اهدك صراطا سويا .
43 .
- أي مستقيما موصلا إلى أسنى المطالب منحنيا عن الضلال المؤدي إلى مهاوى الردى والمعاطب وقوله جاءني ظاهر في أن هذه المحاورة كانت بعد أن نبئ عليه السلام والذي جاءه قيل العلم بما يجب لله تعالى وما يمتنع في حقه وما يجوز على اتم وجه واكمله وقيل : العلم بامور الآخرة وثوابها وعقابها وقيل : العلم بما يعم ذلك ثم ثبطه عما هو عليه بتصويره بصورة يستنكرها كل عاقل ببيان أنه مع عرائه عن النفع بالمرة مستجلب لضرر عظيم فانه في الحقيقة عبادة الشيطان لما أنه الآمر به فقال : يا أبت لا تعبد الشيطان فان عبادتك الأصنام عبادة له إذ هو الذي يسولها ويغريك عليها .
وقوله ان الشيطان كان للرحمن عصيا .
44 .
- تعليل لموجب النهي وتأكيد له ببيان أنه مستعص على من شملتك رحمته وعمتك نعمته ولا ريب في أن المطيع للعاصي عاص وكل من هو عاص حقيق بأن تسترد منه النعم وينتقم منه وللاشارة إلى هذا المعنى جئ بالرحمن وفيه أيضا إشارة إلى كمال شناعة عصيانه وفي الاقتصار على ذكر عصيانه من بين سائر جناياته لأنه ملاكها او لأنه نتيجة معادته لآدم عليه السلام فتذكيره داع لأبيه عن الأحتراز عن موالاته وطاعته والأظهار في موضع الاضمار لزيادة التقرير .
وقوله : يا ابت اني اخاف أن يمسك عذاب من الرحمن تحذير من سوء عاقبة ما هو فيه من عبادة الأصنام والخوف كما قال الراغب توقع المكروه عن أمارة مظنونه أو معلومة فهو غير مقطوع فيه بما يخاف ومن هنا قيل : إن في اختياره مجامله وحملة الفراء والطبري على العلم وليس بذاك وتنوين عذاب على ما اختاره السعد في المطول يحتمل التعظيم والتقليل أي عذاب هائل أو أدنى شيئ منه وقال لا دلالة للفظ المس وإضافة العذاب إلى الرحمن على ترجيح الثاني كما ذكره بعضهم لقوله تعالى لمسكم فيه افضتم فيه عذاب عظيم ولأن العقوبة من الكريم الحليم أشداه