أيضا أي من كان يؤمل لقاء ثواب ربه فليعمل إلخ وقيل المراد منه رؤيته سبحانه أي من كان يؤمل رؤيته تعالى يوم القيامة وهو راض عنه فليعمل إلخ وجوز أن يكون الرجاء بمعنى الخوف على معنى من خاف سوء لقاء ربه أو خاف لقاء جزائه تعالى فليعمل إلخ وتفسير الرجاء بالطمع أولى وكذا كون المرجو الكرامة والبشرى وعلى هذا فإدخال الماضي على المستقبل للدلالة على أن اللائق بحال العبد الاستمرار والاستدامة على رجاء الكرامة من ربه فكأنه قيل فمن استمر علم رجاء كرامته تعالى فليعمل عملا صالحا في نفسه لائقا بذلك المرجو كما فعله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا يشرك بعبادة ربه أحدا 011 إشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا إشراكا خفيا كما يفعله أهل الرياء ومن يطلب بعمله دنيا واقتصر ابن جبير على تفسير الشرك بالرياء وروي نحوه عن الحسن وصح في الحديث تسميته بالشرك الأصغر ويؤيد إرادة ذلك تقديم الأمر بالعمل الصالح على هذا النهي فإن وجهه حينئذ ظاهر إذ يكون الكلام في قوه قولك من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا في نفسه ولا يراء بعمله أحدا فيفسده وكذا ما روي من أن جندب بن زهير قال لرسول الله : إني أعمل العمل لله تعالى فإذا اطلع عليه سرني فقال لي : إن الله تعالى لا يقبل ما شورك فيه فنزلت الآية تصديقا له نعم لا يأبى ذلك إرادة العموم كما لا يخفى وقد تظافرت الأخبار أن كل عمل عمل لغرض دنيوي لا يقبل فقد أخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي يرويه عن ربه تعالى أنه قال : أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو للذي أشرك .
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله D يوم القيامة في صحف مختمة فيقول الله تعالى ألقوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا فيقول سبحانه إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي وأخرج أحمد والنسائي وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن يحيى بن الوليد بن عبادة أن النبي قال : من غزا وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : جاء رجل إلى النبي فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله : لا شيء له فأعادها ثلاث مرار يقول رسول الله E لا شيء له ثم قال : إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغى بها وجهه إلى غير ذلك من الأخبار .
واستشكل كون السرور بالعمل إشراكا فيه محبطا له مع أن الاتيان به ابتداء كان بإخلاص النية كما يدل عليه إني أعمل العمل لله تعالى .
وأجيب بما أشار إليه في الإحياء من أن العمل لا يخلو إذا عمل من أن ينعقد من أوله إلى آخره على الإخلاص من غير شائبة رياء وهو الذهب المصفى أو ينعقد من أوله إلى آخره على الرياء وهو عمل محبط لا نفع فيه أو ينعقد من أول أمره على الإخلاص ثم يطرأ عليه الرياء وحينئذ لا يخلو طروه عليه من أن يكون بعد تمامه أو قبله والأول غير محبط لا سيما إذا لم يتكلف إظهاره إلا أنه إذا ظهرت رغبة وسرور تام بظهوره يخشى عليه لكن الظاهر أنه مثاب عليه والثاني وهو المراد هنا فإن كان باعثا له على العمل ومؤثرا فيه فسد ما قارنه وأحبطه ثم سرى إلى ما قبله