بسبب كفرهم المتضمن لحسبانهم الباطل نزلا 201 أي شيئا يتمتعون به عند ورودهم وهو ما يقام به للنزيل أي الضيف مما حضر من الطعام واختار هذا جماعة من المفسرين وفي ذلك على ما قيل تخطئة لهم في حسبانهم وتهكم به حيث كان اتخاذهم إياهم أولياء من قبيل اعتاد العتاد وإعدادا لزاد ليوم المعاد فكأنه قيل إنا أعتدنا لهم مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدة والذخر جهنم عدة وفي إيراد النزل إيماء إلى أن لهم وراء جهنم من العذاب ما هي أنموذج له ولا يأبى ذلك قوله تعالى جزاؤهم جهنم لأن المراد هناك أنها جزاؤهم بما فيها فافهم وقال الزجاج : النزل موضع النزول وروي ذلك عن ابن عباس وقيل : هو جمع نازل ونصبه على الحال .
وقرأ أبو حيوة وأبو عمرو بخلاف عنه نزلا بسكون الزاي قل يا محمد هل ننبئكم خطاب للكفرة وإذا حمل الإستفهام على الاستئذان كان فيه من التهكم ما فيه والجمع في صيغة المتكلم قيل لتعيينه من أول الأمر وللإيذان بمعلومية النبأ للمؤمنين أيضا بالأخسرين أعمالا 301 نصب على التمييز وجمع مع أن الأصل في التمييز الافراد والمصدر شامل للقليل والكثير كما ذكر ذلك النحاة إنما هو إذا كان المصدر باقيا على مصدريته أما إذا كان مؤولا بإسم فاعل فإنه يعامل معاملته وهنا عمل بمعنى عامل فجمع على أعمال والمراد عاملين والصفة تقع تمييزا نحو لله دره فارسا وزعم بعضهم أن أعمالا جمع عامل وتعقب بأن جمع فاعل على أفعال نادر وقد أنكره بعض النحاة في غير ألفاظ مخصوصة كإشهاد جمع شاهد وقيل : جمع عمل ككتف بمعنى ذو عمل كما في القاموس وهو كما ترى وزعم بعض المتأخرين أنه إذا اعتبر أعمالا بمعنى عاملين كان الأخسرين بمعنى الخاسرين لأن التمييز إذا كان صفة كان عبارة عن المنتصب عنه متحدا معه بالذات محمولا عليه بالمواطأة حتى أن النحاة صرحوا بأنه تجعل الحال أيضا وهو خبر عن ذي الحال معنى ومن البين أن أفعل التفضيل يمتنع لإن يتحد مع اسم الفاعل لمكان الزيادة فحيث وقع اسم الفاعل تمييزا وانتصب بأفعل وجب أن يكون بمعنى فاعل ليتحدا وتعقبه بعضهم بأن أفعل لا يكون مع اللام مجردا عن معنى التفضيل كما أنه لا يكون مجردا عنه مع الإضافة وإنما يكون ذلك إذا كان مع من كما صرح به ابن مالك في التسهيل وذكره الرضي ولا يخفى عليك ما في جميع ذلك من النظر والحق أن الجمعية ليست إلا لما ذكر أولا نعم ذكر أبو البقاء أنه جمع لكونه منصوبا على أسماء الفاعلين وأول ذلك بانه أراد باسم الفاعل المعنى اللغوي وأراد أنه جمع ليفيد التوزيع على أنه لا يخلو عن شيء ثم أن هذا على ما في إرشاد العقل السليم بيان لحال الكفرة باعتبار ما صدر عنهم من الأعمال الحسنة في أنفسها وفي حسبانهم أيضا حيث كانوا معجبين بها واثقين بنيل ثوابها ومشاهدة آثارها غب بيان أحوالهم باعتبار أعمالهم السيئة في أنفسها مع كونها حسنة في حسبانهم الذين ضل أي ضاع وبطل بالكلية عند الله D سعيهم في إقامة تلك الأعمال في الحياة الدنيا متعلق بسعي لا بضل لأن بطلان سعيهم غير مختص بالدنيا .
قيل : المراد بهم أهل الكتابين وروي ذلك عن ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومجاهد ويدخل في الأعمال حينئذ ما عملوه من الأحكام المنسوخة المتعلقة بالعبادات وقيل : الرهبان الذين يحسبون أنفسهم في الصوامع ويحملونها على الرياضات الشاقة وقيل الصابئة وسأل ابن الكواء عليا كرم الله تعالى وجهه عنهم