الجنة جزاء على أن جزاء مصدر مؤكد لمضمون الجملة قدم على المبتدأ اعتناء به أو منصوب بمضمر أي يجزي بها جزاء والجملة حالية أو معترضة بين المبتدأ والخبر المتقدم عليه أو هو حال أي مجزيا بها وتعقب ذلك أبو الحسن بأنه لا تكاد العرب تتكلم بالحال مقدما إلا في الشعر وقال الفراء : هو نصب على التمييز .
وقرأ ابن عباس ومسروق جزاء منصوبا غير منون وخرج ذلك المهدوي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين وخرجه غيره على أنه حذف للإضافة والمبتدأ محذوف لدلالة المعنى عليه أي فله الجزاء جزاء الحسنى .
وقرأ عبد الله بن أبي إسحق بالرفع والتنوين على أنه للمبتدأ و الحسنى بدله والخبر الجار والمجرور .
وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع بلا تنوين وخرج على أنه مبتدأ مضاف قال أبو علي : والمراد على الإضافة جزاء الخلال الحسنة التي أتاها وعملها أو المراد بالحسنى الجنة والإضافة كما في دار الآخرة .
وسنقول له من أمرنا أي مما نأمر به يسرا 88 أي سهلا ميسرا غير شاق وتقديره ذا يسر وأطلق عليه المصدر مبالغة وقرأ أبو جعفر يسرا بضمتين حيث وقع هذا وقال الطبري : المراد من اتخاذ الحسن الأسر فيكون قد خير بين القتل والأسر والمعنى إما أن تعذب بالقتل وإما أن تحسن إليهم بإبقاء الروح والأسر وما حكي من الجواب على هذا الوجه قيل من الأسلوب الحكيم لأن الظاهر أنه تعالى خيره في قتلهم وأسرهم وهم كفار فقال أما الكافر فيراعي فيه قوة الإسلام وأما المؤمن فلا يتعرض له إلا بما يجب .
وفي الكشف أنه روعي فيه على الوجهين نكتة بتقديم ما من الله تعالى في جانب الرحمة دلالة على أن ما منه تابع وتتميم وما منه في جانب العذاب رعاية لترتيب الوجود مع الترقي ليكون أغيظ وكأنه حمل فله الخ على معنى فله من الله تعالى الخ وهو الظاهر وجوز حمل إما أن تعذب وإما أن تتخذ على التوزيع دون التخيير والمعنى على ما قيل : ليكن شأنك معهن إما التعذيب وإما الإحسان فالأول لمن بقي على حاله والثاني لمن تاب فتأمل .
ثم أتبع سببا 98 أي طريقا راجعا من مغرب الشمس موصلا إلى مشرقها حتى إذا بلغ مطلع الشمس يعني الموضع الذي تطلع عليه الشمس أولا من معمورة الأرض أي غاية الأرض المعمورة من جهة المشرق .
وقرأ الحسن وعيسى وابن محيصن مطلع بفتح اللام ورويت عن ابن كثير وأهل مكة وهو عند المحققين مصدر ميمي والكلام على تقدير مضاف أي مكان طلوع الشمس والمراد مكانا تطلع عليه وقال الجوهري : إنه اسم مكان كمكسور اللام فالقراءتان متفقتان من غير تقدير مضاف وقد صرح بعض أئمة التصريف أن المطلع جاء في المكان والزمان فتحا وكسرا وما آثره المحققون مبني على أنه لم يرد في كلام الفصحاء بالفتح إلا مصدرا ولا حاجة إلى تخريج القرآن على الشاذ لأنه قد يخل بالفصاحة وقال أبو حيان : إن الكسر سماع في أحرف معدودة وهو مخالف للقياس فإنه يقتضي أن يكون مضارعه تطلع بكسر اللام وكان الكسائي يقول : هذه لغة ماتت في كثير من لغات العرب يعني ذهب من يقول من العرب تطلع بكسر اللام وبقي مطلع بكسرها في اسم الزمان والمكان على ذلك القياس انتهى فافهم ثم أن الظاهر من حال ذي القرنين وكونه قد أوتي من كل شيء سببا أنه بلغ مطلع الشمس في مدة قليلة وقيل : بلغه في اثنتى عشرة سنة وهو خلاف الظاهر إلا أن يكون أقام في أثناء سيره فإن طول المعمورة يقطعه بأقل من هذه المدة بكثير السائر على الاستقامة كما لا يخفى