الماء لذلك فإذا كان الصيف مرت مسرعة لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل فثبت الماء على حاله باردا ولا يخفى أن هذا السير تحت الأرض تختلف فيه الشمس من حيث المسامتة بحسب الآفاق والأوقات فتسامت الأقدام تارة ولا تسامتها أخرى فما أخرجه أبو الشيخ عن الحسن قال : إذا غربت الشمس دارت في فلك السماء مما يلي دبر القبلة حتى ترجع إلى المشرق الذي تطلع منه وتجري منه في السماء من شرقها إلى غربها ثم ترجع إلى الأفق مما يلي دبر القبلة إلى شرقها كذلك هي مسخرة في فلكها وكذلك القمر لا يكاد يصح ويشكل على ما ذكر ما أخرجه البخاري عن أبي ذر قال : كنت مع النبي في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها .
وأجيب بأن المراد أنها تذهب تحت الأرض حتى تصل إلى غاية الانحطاط وهي عند وصولها دائرة نصف النهار في سمت القدم بالنسبة إلى أفق القوم الذين غربت عنهم وذلك الوصول أشبه شيء بالسجود بل لا ما نع أن تسجد هناك سجودا حقيقيا لائقا بها فالمراد من تحت العرش مكانا مخصوصا مسامتا لبعض أجزاء العرش وإلا فهي في كل وقت تحت العرش وفي جوفه وهذا مبني على أنه جسم كري محيط بسائر الأفلاك والفلكيات وبه تحدد الجهات وهذا قول الفلاسفة وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة طه ما يتعلق بذلك وعلى ما ذكر فالمراد بمستقرها محل انتهاء انحطاطها فهي تجري عند كل قوم لذلك المحل ثم تشرع في الارتفاع وقال الخطابي : يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش إنها تستقر تحته استقرارا لا نحيط به نحن وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها انتهى وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام في ذلك في سورة يس وبالجملة لا يلزم على هذا التأويل خروج الشمس عن فلكها الممثل بل ولا عن خارج المركز وإن اختلف قربها وبعدها من العرش بالنسبة إلى حركتها في ذلك الخارج .
نعم ورد في بعض الآثار ما يدل على خروجها عن حيزها فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الشمس إذا غربت رفع بها إلى السماء السابعة في سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من أن يؤمر بالطلوع ثم ينطلق بها ما بين السماء السابعة وبين أسفل درجات الجنان في سرعة طيران الملائكة فتنحدر حيال المشرق من سماء إلى سماء فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الصبح فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذلك حين تطلع الشمس وهو وإن لم تأباه قواعدنا من شمول قدرة الله تعالى سائر الممكنات وعدم امتناع الخرق والالتئام على الفلك مطلقا إلا أنه لا يتسنى مع تحقق غروبها عند قوم وطلوعها عند آخرين وبقائها طالعة نحو ستة أشهر في بعض العروض إلى غير ذلك مما لا يخفى فلعل الخبر غير صحيح .
وقد نص الجلال السيوطي على أن أبا الشيخ رواه بسند واه ثم إن الظاهر على رواية البخاري ورواية ابن أبي شيبة ومن معه أن أبا ذر رضي الله تعالى عنه سئل مرتين إلا أنه رد العلم في الثانية إلى الله تعالى ورسوله طلبا لزيادة الفائدة ومبالغة في الأدب مع الرسول E والله أعلم .
ووجد عندها أي عند تلك العين على ساحل البحر قوما لباسهم على ما قيل : جلود السباع وطعامهم ما لفظه البحر قال وهب بن منبه : هم قوم يقال لهم : ناسك لا يحصيهم كثرة إلا الله تعالى .
وقال أبو زيد السهيلي : هم قوم من نسل ثمود كانوا يسكنون جابرسا وهي مدينة عظيمة لها اثنا عشر بابا