عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ما أدري أتبع كان لعينا أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا وأنت تعلم أن هذا النفي لم يكن ليستمر لرسول الله فيمكن أن يكون دري E فيما بعد أنه لم يكن نبيا كما يدل عليه ما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه فإنه لم يكن يقول ذلك إلا عن سماع ويشهد لذلك ما أخرجه ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال سئل علي كرم الله تعالى وجهه عن ذي القرنين أنبي هو فقال : سمعت نبيكم يقول هو عبد ناصح الله تعالى فنصحه وءاتيناه من كل شيء أراده من مهمات ملكه ومقاصده المعلقة بسلطانه سببا 48 أي طريقا يوصله إليه وهو كل ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة لا العلم فقط وإن وقع الاقتصار عليه في بعض الآثار ومن بيانية والمبين سببا وفي الكلام مضاف مقدر أي من أسباب لا سبب وسببان ليس بشيء وجوز أن يكون من تعليلة فلا تقدير واختاره بعضهم فتأمل واستدل بعض من قال بنبوته بالآية على ذلك وليس بشيء كما لا يخفى فأتبع بالقطع والفاء فصيحة والتقدير فأراد بلوغ المغرب فأتبع سببا 58 يوصله إليه ولعل قصد بلوغ المغرب ابتداء لأنه أقرب إليه وقيل : لمراعاة الحركة الشمسية وليس ذلك لكون جهة المغرب أفضل من جهة المشرق كما زعمه بعض المغاربة فإنه كما قال الجلال السيوطي لا قطع بتفضيل إحدى الجهتين على الأخرى لتعارض الأدلة .
وقرأ نافع وابن كثير فأتبع بهمزة الوصل وتشديد التاء وكذا فيما يأتي واستظهر بعضهم أنهما بمعنى ويتعديان لمفعول واحد وقيل : إن أتبع بالقطع يتعدى لإثنين والتقدير هنا فأتبع سببا سببا آخر أو فأتبع أمره سببا كقوله تعالى : وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة وقال أبو عبيد اتبع بالوصل في السير وأتبع بالقطع معناه اللحاق كقوله تعال : فأتبعه شهاب ثاقب وقال يونس : أتبع بالقطع للمجد المسرع الحثيث الطلب وأتبع بالوصل إنما يتضمن مجرد الانتقال والاقتفاء حتى إذا بلغ مغرب الشمس أي منتهى الأرض من جهة المغرب بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته ووقف كما هو الظاهر على حافة البحر المحيط الغربي الذي يقال له أوقيانوس وفيه الجزائر المسماة بالخالدات التي هي مبدأ الأطوال على أحد الأقوال وجدها أي الشمس تغرب في عين حمئة أي ذات حمأة وهي الطين الأسود من حمئت البئر تحمأ حمأ إذا كثرت حمأتها .
وقرأ عبد الله وطلحة بن عبيد الله وعمرو بن العاص وابنه عبد الله وابن عمر ومعاوية والحسن وزيد بن علي وابن عامر وحمزة والكسائي حامية بالياء أي حارة وأنكر هذه القراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أول ما سمعها فقد أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس ذكر له أن معاوية قرأ في عين حامية فقال له : ما نقرؤها إلا حمئة فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف تقرأها فقال : كما قرأتها فقلت : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال كعب : سل أهل العزيمة فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني لم أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب وقال ابن أبي حاضر : لو أني