والمذكور في كتب التواريخ أن ملوك اليمن إلى أن غلبت الحبشة عليها من أبناء قحطان وأورد على هذا القول في ذي القرنين أنه لم يوجد في كتب التواريخ المعتبرة سمي ابن عمير بن أفريقيس في عداد ملوك اليمن والمذكور إنما هو شمر بصيغة فعل الماضي من التشمير بن أفريقيس ولم يذكروا بينه وبين أفريقيس عميرا وقد ذكر بعضهم فيه أنه ذو القرنين وقالوا : إنه يقال له شمر يرعش لارتعاش كان فيه فلعل سمي محرف عن شمر وابن عمير محرف من يرعش وقد ذكروا في أبيه أفريقيس أنه غزا نحو المغرب في أرض البربر حتى أتي طنجة ونقل البربر من أرض فلسطين ومصر والساحل إلى مساكنهم اليوم وأنه هو الذي بنى أفريقية وبه سميت وكان ملكه مائة وأربعا وستين سنة وفيه أنه خرج نحو العراق وتوجه نحو الصين وأنه قلع المدينة التي تسمى اليوم سمرقند وقالوا : إنها معرب شمر كند وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي بقوله يفتخر بملوك اليمن : هموا كتبوا الكتاب بباب مرو وباب الشاش كانوا الكاتبينا وهم سموا بشمر سمرقندا وهم غرسوا هناك النابتينا وأنه لما لقب بذي القرنين لذؤابتين كانتا له وكان ملكه على ما قال ابن قتيبة مائة وسبعا وثلاثين سنة على ما قال المسعودي ثلاثا وخمسين سنة وعلى ما قال غيرهما سبعا وثمانين سنة ثم إن هذا لم يكن بأبي كرب وإنما المكنى به على ما رأيناه في بعض التواريخ أسعد بن كليكرب ويقال له تبع الأوسط ويذكر أنه آمن بنبينا قبل مبعثه وفي ذلك يقول : شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيرا له وابن عم وذكروا أنه كان شديدة الوطأة كثير الغزو فمله قومه فأغروا ابنه حسان على قتله فقتله ولا يخفى أن كلا هذين الشخصين لا يصح أن يكون المراد بذي القرنين الذي ذكر أنه لقي إبراهيم عليه السلام أما الأول فلأنهم ذكروا أنه ملك بعد ياسر ينعم ابن عمرو وملك ياسر بعد بلقيس زوجة سليمان عليه السلام وكان عمها فكيف يتصور أن يكون هذا ذاك مع بعد زمان ما بين إبراهيم وسليمان عليهما السلام وأما الثاني فلأنه بعد هذا بكثير مع أنه لم يطلق عليه أحد ذا القرنين ولا نسب إليه غزوا في مشارق الأرض ومغاربها ورأيت في بعض الكتب أن في زمن منو جهر بن ايرج بن أفريدون بعث موسى عليه السلام وكان ملك اليمن في زمانه شمر أبا الملوك وكان في طاعته انتهى وعليه أيضا لا يمكن أن يكون شمر هذا هو ذا القرنين السابق وهو ظاهر وذا أسقطت جميع هذه الأقوال عن الإعتبار بناء على ما قيل إن أخبار ملوك اليمن مضطربة لا يكاد يوقف على روايتين متفقتين فيها واعتبرت القول بأنه كان في زمن إبراهيم عليه السلام ملك منهم هو ذو القرنين بناء على حسن الظن بقائل ذلك أشكل الأمر من وجه آخر وهو أن كتب التواريخ قاطبة ناطقة بأن فريدون كان في زمان إبراهيم عليه السلام وأنه قسم المعمورة بين بنيه الثلاثة حسبما تقدم فكيف يتسنى مع هذا القول بأن ذي القرنين رجل من ملوك اليمن كان في ذلك الزمان أيضا ويجيء نحو هذا الإشكال إذا قلنا إن ذا القرنين هو أحد الإسكندرين اليوناني والرومي وقلنا بأنه كان في زمن إبراهيم عليه السلام أيضا والحاصل أن القول بأن فريدون كان في ذلك الزمان وكان مالكا المعمورة كما في عامة تواريخ الفرس يمنع القول بأن ذا القرنين في ذلك الزمان غيره بل القول بوجود أحد الثلاثة من فريدون وذي القرنين التبعي وأحد الإسكندرين