اختاروا أن ذكر المشيئة للتيمن وهو لا يدل على ما ذكر وقال بعض المحققين : إن الإستدلال جاز أيضا على احتمال التيمن لأنه لا وجه للتيمن بما لا حقيقة له وقد أشار إلى ذلك الإمام أيضا فافهم وقد استدل بالآية على أن الأمر للوجوب وفيه نظر ثم إن الظاهر أنه لم يرد بالأمر مقابل النهي أريد مطلقا لطلب وحاصل الآية نفي أن يعصيه في كل ما يطلبه قال الخضر عليه السلام فإن اتبعتني أذن له عليه السلام في الاتباع بعد اللتيا والتي والفاء لتفريع الشرطية على ما مر من وعد موسى عليه السلام بالصبر والطاعة : فلا تسألني عن شيء تشاهده من أفعالي فضلا عن المناقشة والإعراض حتى أحدث لك منه ذكرا 07 أي حتى ابتدئك بيانه والغاية على ما قيل مضروبه لما يفهم منه الكلام كأنه قيل أنكر بقلبك على ما أفعل حتى أبينه لك أو هي لتأبيد ترك السؤال فإنه لا ينبغي السؤال بعد البيان بالطريق الأولى وعلى الوجهين فيها إيذان بأن كل ما يصدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة وقيل : حتى للتعليل وليس بشيء .
وقرأ نافع وابن عامر فلا تسئلني بالنون المثقلة مع الهمز وعن أبي جعفر فلا تسلني بفتح السين واللام والنون المثقلة من غير همز وكل القراء كما قال أبو بكر بياء في آخره وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في حذف الياء خلاف غريب فانطلقا أي موسى والخضر عليهما السلام ولم يضم يوشع عليه السلام لأنه في حكم التبع وقيل رده موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا أنهما انطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول وفي رواية أبي حاتم عن الربيع بن أنس أن أهل السفينة ظنوا أنهم لصوص لأن المكان كان مخوفا فأبوا أن يحملوهم فقال كبيرهم : إني أرى رجالا على وجوههم النور لأحملنهم حتى إذا ركبا في السفينة أل فيها لتعريف الجنس إذ لم يتقدم عهد في سفينة مخصوصة وكانت على ما في بعض الروايات سفينة جديدة وثيقة لم يمر بها من السفن سفينة أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق وكانت أيضا على ما يدل عليه بعض الروايات الصحيحة من سفن صغيرة يحمل بها أهل هذا الساحل إلى الساحل الآخر وفي رواية أبي حاتم أنها كانت ذاهبة إلى أيلة وصح أنهما حين ركبا جاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة ثم نقر في البحر فقال له الخضر : ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر وهو جار مجرى التمثيل واستعمال الركوب في أمثال هذه المواقع في مع تجريده عنها في مثل قوله تعالى لتركبوها وزينة على ما يقتضيه تعديته بنفسه قد مرت الإشارة إلى وجهه في قوله تعالى وقال اركبوا فيها وقيل إن ذلك لإرادة معنى الدخول كأنه قيل حتى إذا دخلا في السفينة خرقها صح أنهما لما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواحها بالقدوم فقال له موسى عليه السلام : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها وصح أيضا أنه عليه السلام خرقها ووتد فيها وتدا وقيل قلع لوحين مما يلي الماء وفي رواية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا أنهما لما ركبا واطمئنا فيها ولججت بهما مع أهلها أخرج مثقابا له ومطرقة ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ثم جلس عليها يرقعها وهذه الرواية ظاهرة في أن خرقه