جنس مثل وأيا ما كان فالمراد من المثل إما معناه المشهور أو الصفة الغريبة التي هي في الحسن واستجلاب النفس كالمثل والمراد أنه تعالى نوع ضرب الأمثال وذكر الصفات الغريبة وذكر من كل جنس محتاج إليه داع إلى الايمان نافع لهم مثلا لا أنه سبحانه ذكر جميع الامثال وكأن في الآية حذفا أو هي على معنى ولقد فعلنا ذلك ليقبلوا فلم يفعلوا .
وكان الانسان بحسب جبلته أكثر شيء جدلا أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل وهو كما قال الراغب وغيره المنازعة بمفاوضة القول والأليق بالمقام أن يراد به هنا الخصومة بالباطل والمماراة وهو الأكثر في الاستعمال وذكر غير واحد أنه مأخوذ من الجدل وهو الفتل والمجادلة والملاواة لأن كلا من المتجادلين يلتوي على صاحبه وانتصابه على التمييز والمعنى أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل مجادل وعلل بسعة مضطربة فإنه بين أوج الملكية وحضيض البهيمية فليس له في جانبي التصاعد والتسفل مقام معلوم .
والظاهر أنه ليس المراد إنسانا معينا وقيل المراد به النضر بن الحرث وقيل ابن الزبعري وقال ابن السائب أبي بن خلف وكان جداله في البعث حين أتى بعظم قد رم فقال أيقدر الله تعالى على إعادة هذا وفته بيده ؟ والأول أولى ويؤيده ما أخرجه الشيخان وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي كرم الله تعالى وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلّم طرقه وفاطمة ليلا فقال ألا تصليان فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله تعالى إن شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيئا ثم سمعته يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا فانه ظاهر في حمل الإنسان عبى العموم ولا شبهة في صحة الحديث إلا أن فيه إشكالا يعرف بالتأمل ولا يدفعه ما ذكره النووي حيث قال المختار في معناه أنه A تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الإعتذار بهذا ولهذا ضرب فخذه وقيل قال A ذلك تسليما لعذرهما وأن لا عتب فتأمل وما منع الناس قال ابن عطية وغيره المراد بهم كفار قريش الذين حكيت أباطيلهم وما نافية .
وزعم بعضهم وهو من الغرابة بمكان أنها استفهامية أي أي شيء منعهم أن يؤمنوا أي من إيمانهم بالله تعالى وترك ما هم فيه من الإشراك إذ جاءهم الهدى أي القرآن العظيم الهادي إلى الإيمان بما فيه من فنون المعاني الموجبة له أو الرسول A وإطلاق الهدى على كل للمبالغة ويستغفروا ربهم بالتوبة عما فرط منهم من أنواع الذنوب التي من جملتها مجادلتهم الحق بالباطل وفائدة ذكر هذا بعد الإيمان التعميم على ما قيل . واستدل به من زعم أن الإيمان إذا لم ينضم إليه الإستغفار لا يجب ما قبله وهو خلاف ما اقتضته الظواهر .
وقال بعضهم لا شك أن الإيمان مع الإستغفار أكمل من الإيمان وحده فذكر معه لتفيد الآية ما منعهم من الإتصاف بأكمل ما يراد منهم ولا يخفى أنه ليس بشيء وقيل ذكر الإستغفار بعد الإيمان لتأكيد أن المراد منه الإيمان الذي لا يشوبه نفاق فكأنه قيل ما منعهم أن يؤمنوا إيمانا حقيقيا إلا أن تأتيهم سنة الأولين وهم من أهلك من الأمم السابقة وإضافة السنة إليهم قيل لكونها جارية عليهم وهي في الحقيقة سنة الله تعالى فيهم والمراد بها الإهلاك بعذاب الإستئصال وإذا فسرت السنة بالهلاك لم تحتج لما ذكر وأن وما بعدها تأويل المصدر وهو فاعل منع والكلام بتقدير مضاف أي