مخلصين له الدين فتكون الجملة تنبيها على أن قوله يا ليتني لم أشرك الخ كان عن اضطرار وجزع عمادها ولم يكن عن ندم وتوبة وحكى عن أبي عمرو والأصمعي أنهما قالا إن كسر الواو لحن هنا لأن فعالة إنما تجيء فيما كان صنعة ومعنى متقلدا كالكتابة والإمارة والخلافة وليس هنا تولي أمر إنما هي الولاية بالفتح بمعنى الدين بالكسر ولا يعول على ذلك .
واستظهر أبو حيان كون هنالك إشارة إلى الدار الآخرة أي في تلك الدار الولاية لله الحق ويناسب قوله تعالى هو خير ثوابا وخير عقبا ويكون كقوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار والظاهر على جميع ذلك أن الوقف على منتصرا وقوله تعالى هنالك الخ ابتداء كلام وحينئذ فالولاية مبتدأ و لله الخبر والظرف معمول الإستقرار والجملة مفيدة للحصر لتعريف المسند إليه واقتران الخبر بلام الإختصاص كما قرر في الحمد لله رب العالمين وقال أبو البقاء يجوز أن يكون هنالك خبر الولاية أو الولاية مرفوعة به و لله يتعلق بالظرف أو بالعامل فيه أو بالولاية ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا منها .
وقال بعضهم إن الظرف متعلق بمنتصرا والإشارة إلى الدار الآخرة والمراد الإخبار بنفي أن ينتصر في الآخرة بعد نفي أن تكون له فئة تنصره في الدنيا والزجاج جعله متعلقا بمنتصرا أيضا إلا أنه قال ما كان منتصرا في تلك الحالة و الحق نعت للإسم الجليل .
وقرأ الاخوان وحميد والأعمش وابن أبي ليلى وابن مناذر واليزيدى وابن عيسى الاصبهاني الحق بالرفع علىأنه صفة الولاية وجوز أبو البقاء أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي أو هو الحق وأن يكون مبتدأ وهو خبره وقرأ أبي هنالك الولاية الحق لله بتقديم الحق ورفعه وهو يرجح كون الحق نعتا للولاية في القراءة السابقة .
وقرأ أبو حيوة وزيد بن علي وعمرو بن عبيد وابن أبي عبلة وأبو السمال ويعقوب عن عصمة عن أبي عمرو الحق بالنصب على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة والناصب له عامل مقدر كما في قولك هذا عبدالله حقا ويحتمل أنه نعت مقطوع .
وقرأ الحسن والأعمش وحمزة وعاصم وخلف عقبا بسكون القاف والتنوين وعن عاصم عقبى بألف التأنيث المقصور على وزن رجعي والجمهور بضم القاف والتنوين والمعنى في الكل ما تقدم واضرب لهم مثل الحياة الدنيا أي اذكر لهم ما يشبهها في زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها لئلا يغتروا بها ولا يضربوا عن الآخرة صفحا بالمرة أو اذكر لهم صفتها العجيبة التي هي في الغرابة كالمثل وبينها لهم كماء استئناف لبيان المثل أي هي كماء أنزلناه من السماء وجوزوا أن يكون مفعولا ثانيا لا ضرب على أنه بمعنى صير وتعقب بأن الكاف تنبو عنه إلا أن تكون مقحمة ورد بأنه مما لا وجه لأن المعنى صير المثل هذا اللفظ فالمثل بمعنى الكلام الواقع فيه التمثيل وقال الحوفي الكاف متعلقة بمحذوف صفة لمصدر محذوف اي ضربا كماء وليس بشيء .
فاختلط به نبات الأرض أي فاشتبك وخالط بعضه بعضا لكثرته وتكاثفه بسبب كثرة سقي الماء إياه أو المراد فدخل الماء في النبات حتى روي ورف وكان الظاهر في هذا المعنى فاختلط بنبات الأرض لأن