وجعلوا منه قوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به وأنه يمكن أن يكون الغرض من مجموع الكلام إثبات الإيمان على الوجه الأكيد ولعل شرك صاحبه الذي عرض به في الجملة الثانية كما صرح به غير واحد لهذا المعنى .
وقيل الشرك فيه بالمعنى المتبادر وإثباته لصاحبه تعريضا باعتبار أنه لما أنكر البعث فقد عجز الباري جل جلاله ومن عجزه سبحانه وتعالى فقد سواه بخلقه تعالى في العجز وهو شرك وقيل باعتبار أنه لما اغتر بدنياه وزعم الاستحقاق الذاتي وأضاف ما أضاف لنفسه كان كأنه أشرك فعرض به المؤمن بما عرض فكأنه قال : لكن أنا مؤمن ولا أرى الغنى والفقر إلا من الله تعالى يفقر من يشاء ويغني من يشاء ولا أرى الإستحقاق الذاتي على خلاف ما أنت عليه والإنصاف أن كلا من القولين تكلف وقيل في الكلام تعريض بشرف صاحبه ولا يلزم أن يكون مدلولا عليه لكلامه السابق بل يكفيه ثبوت كونه مشركا في نفس الأمر وفيما بعد ما هو ظاهر فيه فتأمل ثم اعلم أنما تضمنته الأية ذكر جليل وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أسماء بنت عميس قالت : علمني رسول الله كلمات أقولهن عند الكرب الله ربي ولا أشرك به شيئا .
ولولاإذ دخلت جنتك قلت حض على القول وتوبيخ على تركه وتقديم الظرف على المحضض عليه للإيذان بتحتم القول في آن الدخول من غير ريث للقصر وجاء تقديمه لذلك وجعله فاصلا بين لولا وفعلها لتوسعهم في الظروف أي هلا قلت عندما دخلتها ما شاء الله أي الأمر ما شاء الله أو ما شاء الله تعالى كائن على أن ما موصولة مرفوعة المحل إما على أنها خبر مبتدأ محذوف أو على أنها مبتدأ محذوف الخبر .
ويجوز أن تكون شرطية في محل نصب بشاء والجواب محذوف أي أي شيء شاء الله تعالى كان وأيا ما كان فالمراد تحضيضه على الإعتراف بأن جنته وما فيها بمشيئة الله تعالى إن شاء أبقاها وإن شاء أبادها ودلالة الجملة على العموم الداخل فيه ما ذكر دخولا أوليا على التقدير الأول لأن تعريف الأمر بالاستغراق والجملة على هذا تفيد الحصر وأما على غيره فقيل بأن ما شرطية أو موصولة وهي في معنى الشرط والشرط وما في معناه يفيد توقف وجود الجزاء على ما في حيزه فيفيد عدمه عند عدمه فيكون المعنى ما شاء كان وإن لم يشأ لمن يكن ولا غبار على ذلك عند من يقول بمفهوم الشرط وقدر بعضهم في الثاني من احتمالي الموصولة ما شاء الله هو الكائن حتى تفيد الجملة ما ذكر وليس بشيء كما لا يخفى .
وزعم القفال من المعتزلة أن التقتير هذا ما شاء الله تعالى والإشارة إلى ما في الجنة من الثمار ونحوها وهذا كقول الإنسان إذا نظر إلى كتاب مثلا : هذا خط زيد ومراده نفي دلالة الآية على العموم ليسلم له مذهب الاعتزال وكذلك فعل الكعبي والجبائي حيث قالا : الآية خاصة فيما تولى الله تعالى فعله ولا تشمل ما هو من فعل العباد ولا يمتنع أن يحصل في سلطانه سبحانه ما لا يريد كما يحصل فيه ما ينهى عنه ولا يخفى على من له ذوق سليم وذهن مستقيم أن المنساق إلى الفهم العموم وكم للمعتزلة عدول عن ذلك لا قوة إلا بالله من مقول القول أيضا أي هلا قلت ذلك اعترافا بعجزك وإقرارا بأن ما تيسر لك من عمارتها وتدبير أمرها إنما هو بمعونته تعالى وإقداره جل جلاله وقد تضمنت هذه الآية ذكرا جليلا أيضا فقد أخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال لي نبي الله ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش قلت : نعم قال : أن تقول لا قوة إلا بالله