على نحو ما تقدم أي أموال كثيرة من الذهب والفضة والحيوان وغيرها وبذلك فسره ابن عباس وقتادة وغيرهما وقال مجاهد يراد به الذهب والفضة خاصة وقرأ الأعمش وأبو رجاء وأبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم تخفيفا هنا وفيما بعد والمعنى على ما سمعت وقرأ أبو رجاء في رواية ثمر بالفتح والسكون .
وفي مصحف أبي وحمل على التفسير وآتيناه ثمرا كثيرا فقال لصاحبه المؤمن والمراد بالصاحب المعنى اللغوي فلا ينافي هذا العنوان القول بأنهما كانا أخوين خلافا لمن وهم وهو أي القائل يحاوره أي يحاور صاحبه فالجملة في موضع الحال من القائل والمحاورة مراجعة الكلام من حار إذا رجع أي يراجعه الكلام في إنكاره البعث وإشراكه بالله تعالى وجوز أن تكون الجملة حالا من صاحبه فضمير هو عائد عليه وضمير صاحبه عائد على القائل أي والصاحب المؤمن يراجع بالوعظ والدعوة إلى الله D ذلك الكافر القائل له أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا 43 حشما وأعوانا وقيل : أولادا ذكورا وروي ذلك عن قتادة ومقاتل وأيد بمقابلته بأقل منك مالا وولدا وتخصيص الذكور لأنهم الذين ينفرون معه لمصالحه ومعاونته وقيل : عشيرة ومن شأنهم أنهم ينفرون مع من هو منهم واستدل بذلك على أنه لم يكن أخاه لأن العشيرة مشتركة بينهما وملتزم الأخوة لا يفسر بذلك ونصب مالا ونفرا على التمييز وهو على ما قيل محول عن المبتدأ والظاهر أن المراد من أفعل التفضيل معناه الحقيقي وحينئذ يرد بذلك ما في بعض الروايات من أن الأخ المؤمن بقي بعد التصدق بماله فقيرا محتاجا فسأل أخاه الكافر ولم يعطه ووبخه على التصدق ودخل جنته أي كل ما هو جنة له يتمتع بها بناءا على أن الإضافة للإستغراق والعموم فتفيد ما أفادته التثنية مع زيادة وهي الإشارة إلى أنه لا جنة له غير ذلك ولا حظ له في الجنة التي وعد المتقون وإلى هذا ذهب الزمخشري وهو معنى لطيف دق تصوره على أبي حيان فتعقبه بما تعقبه واختار أن الأفراد لأن الدخول لا يمكن أن يكون في الجنتين معا في وقت واحد وإنما يكون في واحدة واحدة وهو خال عما أشير إليه من النكتة .
وكذا ما قيل إن الأفراد لاتصال أحدهما بالأخرى وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه قال في قوله تعالى جعلنا لأحدهما جنتين الخ الجنة البستان فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر فلذلك كان جنتين وسماه سبحانه جنة من قبل الجدار المحيط به وهو كما ترى والذي يدل عليه السياق والمحاورة أن المراد ودخل جنته مع صاحبه وهو ظالم لنفسه جملة حالية أي وهو ضار لنفسه بكفره حيث عرضها للهلاك وعرض نعمتها للزوال أو واضع الشيء في غير موضعه حيث كان اللائق به الشكر والتواضع لا ما حكى عنه .
قال استئناف مبني على سؤال نشأ من ذكر دخول جنته حال ظلمه لنفسه كأنه قيل فماذا قال إذ ذاك فقيل له : ما أظن أن تبيد أي تهلك وتفنى ويقال بادبيد بيدا ويبودا وبيدودة إذا هلك هذه أي الجنة أبدا 53 أي طول الحياة فالمراد بالتأييد طول المكث لا معناه المتبادر وقيل يجوز أن يكون أراد ذلك لأنه لجهله وإنكاره قيام الساعة ظن عدم فناء نوعها وإن فنى كل شخص من أشجارها نحو ما يقوله الفلاسفة القائلون بقدم العالم في الحركات الفلكية وليس بشيء وقيل ما قصد إلا أن هذه الجنة المشاهدة