وهو الحق أي أولئك المنعوتون بالنعوت الجليلة لهم جنات إقامة على أن العدن بمعنى الإقامة والاستقرار يقال عدن بالمكان إذا أقام فيه واستقر ومنه المعدن لاستقرار الجواهر فيه .
وعن ابن مسعود عدن جنة من الجنان وهي بطنانها ووجه إضافة الجنان إليها بأنها لسعتها كأن كل ناحية منها جنة تجري من تحتهم الأنهار وهم في الغرفات آمنون يحلون فيها من أساور من ذهب من الأولى للابتداء والثانية للبيان والجار والمجرور في موضع صفة لأساور وهذا ما اختاره الزمخشري وغيره وجوز أبو البقاء في الأولى أن تكون زائدة في المفعول على قول الأخفش ويدل عليه قوله تعالى وحلوا أساور وأن تكون بيانية أي شيئا أو حليا من أساور .
وجوز غيره فيها أن تكون تبعيضية واقعة موقع المفعول كما جوز هو وغيره ذلك وجوز فيها أيضا أن تتعلق بيحلون وهو كما ترى والأساور جمع أسورة جمع سوار بالكسر والضم وهو ما في الذراع من الحلي وهو عربي وقال الراغب : معرب دستواره وقيل جمع أسوار جمع سوار وأصله أساوير فخفف بحذف يائه فهو على القولين جمع الجمع ولم يجعلوه من أول الأمر جمع سوار لما رأوا أن فعالا لا يجمع على أفاعل في القياس وعن عمرو بن العلاء أن الواحد أسوار وأنشد ابن الأنباري : والله لولا صبية صغار كأنما وجوههم أقمار تضمهم من العتيد دار أخاف أن يصيبهم أقتار أو لاطم ليس له أسوار لما رآني ملك جبار ببابه ما وضح النهار وفي القاموس السوار ككتاب وغراب القلب كالأسوار والجمع أسورة وأساور وأساورة وسور وسؤور وهو موافق لما نقل عن ابن العلاء .
ونقل ذلك أيضا عن قطرب وأبي عبيدة ونكرت لتعظيم حسنها من الإحاطة وقد أخرج ابن مردويه عن سعد عن النبي قال : لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوؤه ضوء الشمس كما تطمس ضوء النجوم وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة أن النبي قال لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله تعالى به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور وأخرج الشيخان عن أبي هريرة أن النبي قالتبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الضوء وأخرج أبو الشيخ وغيره عن كعب الأحبار قال إن لله تعالى ملكا وفي رواية في الجنة ملك لو شئت أن أسميه أسميته يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد إشعاع الشمس والسؤال بأن لبس الرجال الأساور عيب في الدنيا فكيف يحلونها في الآخرة مندفع بأن كونه عيبا إنما هو بين قوم لم يعتادوه لا مطلقا ولا أظنك في مرية من أن الشيء قد يكون عيبا بين قوم ولا يكون عيبا بين آخرين وليس فيما نحن فيه أمر عقلي يحكم بكونه عيبا في كل وقت وفي كل مكان وبين كل قوم وإن التزمت إن فيه ذلك فقد حليت