أنه وحي معجز من حيثية الاشتمال وإن كانت جهة إعجازه غير منحصرة في ذلك أمره جل شأنه بالمواظبة على درسه بقوله سبحانه واتل الخ وهو أمر من التلاوة بمعنى القراءة أي لازم تلاوة ذلك على أصحابك أو مطلقا ولا تكترث بقول من يقول لك ائت بقرآن غير هذا أو ابدله وجوز أن يكون أتل أمرا من التلو بمعنى الاتباع أي اتبع ما أوحي إليك وألزم العمل به وقيل وجه الربط أنه سبحانه لما نهاه عن المراء المتعمق فيه وعن الاستفتاء أمره سبحانه بأن يتلو ما أوحي إليه من أمرهم فكأنه قيل اقرأ ما أوحي إليك من أمرهم واستغن به ولا تتعرض لأكثر من ذلك واتبع ذلك وخذ به ولا تتعمق في جدالهم ولا تستفت أحدا منهم فالكلام متعلق بما تقدم من النواهي والمراد بما أوحي الخ هو الآيات المتضمنة شرح قصة أصحاب الكهف وقيل : متعلق بقوله تعالى : قل الله أعلم بما لبثوا أي قل لهم ذلك واتل عليهم أخباره عن مدة لبثهم فالمراد بما أوحي الخ ما تضمن هذا الإخبار وهذا دون ما قبله بكثير بل لا ينبغي أن يلتفت إليه والمعول عليه أن المراد بما أوحي ما هو أعم مما تضمن القصة وغيره من كتابه تعالى .
لا مبدل لكلماته لا يقدر أحد علد تبديلها وتغييرها غيره وأما هو سبحانه فقدرته شاملة لكل شيء يمحو ما يشاء ويثبت ويعلم ما ذكر اندفاع ما قيل : إن التبديل واقع لقوله تعالى : وإذا بدلنا آية الآية والظاهر عموم الكلمات الإخبار وغيرها ومن هنا قال الطبرسي المعنى لا مغير لما أخبر به تعالى ولا لما أمر والكلام على حذف مضاف أي لا مبدل لحكم كلماته انتهى لكن أنت تعلم أن الخبر لا يقبل التبديل أي النسخ فلا تتعلق به الإرادة حتى تتعلق به القدرة لئلا يلزم الكذب المستحيل عليه عز شأنه ومنهم من خص الكلمات بالإخبار لأن المقام للإخبار عن قصة أصحاب الكهف وعليه لا يحتاج إلى تخصيص النكرة المنفية لما سمعت من حال الخبر وقول الإمام : إن النسخ في الحقيقة ليس بتبديل لأن المنسوخ ثابت في وقته إلى وقت طريان الناسخ فالناسخ كالمغاير فكيف يكون تبديلا توهم لا يقتدى به .
ومن الناس من خص الكلمات بمواعيده تعالى لعباده الموحدين فكأنه قيل اتل ما أوحي إليك ولا تبال بالكفرة المعاندين فإنه قد تضمن من وعد الموحدين ما تضمن ولا مبدل لذلك الوعد ومآله اتل ولا تبال فإن الله تعالى ناصرك وناصر أصحابك وهو كما ترى وإن كان أشد مناسبة لما بعد والضمير على ما يظهر من مجمع البيان للكتاب ويجوز أن يكون للرب تعالى كما هوالظاهر في الضمير في قوله سبحانه : ولن تجد من دونه ملتحدا 72 أي ملجأ تعدل إليه عند إلمام ملمة وقال الإمام في البيان والإرشاد : وأصله من الالتحاد بمعنى الميل وجوز الراغب فيه أنه يكون اسم مكان وأن يكون مصدرا وفسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هنا بالمدخل في الأرض وأنشد عليه حين سأله نافع بن الأزرق قول خصيب الضمري : يالهف نفسي ولهف غير مجدبة عني وما عن قضاء الله ملتحد ولا داعى فيه لتفسيره بالمدخل في الأرض ليلتجأ إليه ثم إذا كان المعنى بالخطاب سيد المخاطبين فالكلام مبني على الفرض والتقدير إذ هو E بل خلص أمته لا تحدثهم أنفسهم بطلب ملجأ غيره تعالى نسأله سبحانه أن يجعلنا ممن التجأ إليه وعول في جميع أموره فكفاه جل وعلا ما أهمه وكشف عنه غياهب كل غمه