ذكرها لما أنها دلت على الأمر بذكر الاستثناء المنسي وأمر الصلاة أشد والاهتمام بها أعظم فالأمر أسهل ولكن ظاهر كلامهم أنه أراد الأول .
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عن عكرمة أنه قال في الآية : أي اذكر ربك إذا غضبت ووجه تفسير النسيان بالغضب أنه سبب للنسيان وأمر هذا القول نظير ما مر .
وقل عسى أن يهدين ربي أي يوفقني لأقرب من هذا أي لشيء أقرب وأظهر من نبأ أصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتي رشدا 42 إرشادا للناس ودلالة على ذلك .
وإلى هذا ذهب الزجاج وقد فعل ذلك D حيث آتاه من الآيات البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء عليهم السلام المتباعدة أيامهم والحوادث النازلة في الإعصار المستقبلة إلى قيام الساعة وكأنه تهوين منه D لأمر قصة أصحاب الكهف كما هونه جل وعلا أولا بقوله سبحانه أم حسبت الخ وهو متعلق بمجموع القصة وعطفه بعض الأفاضل على العامل في قوله تعالى إذ أوى الفتية إلى الكهف كأنه قيل اذكر إذ أوى الفتية الخ وقل عسى أن يهديني ربي لما هو أظهر من ذلك دلالة على نبوتي .
وقال الجبائي : هو متعلق بقوله تعالى واذكر ربك إلى آخره والمعنى عنده ادع ربك سبحانه وتعالى إذا نسيت شيئا أن يذكره إياه وقل إن لم يذكرك سبحانه عسى أن يهديني لشيء أقرب من المنسي خيرا ومنفعة فهذا إشارة إلى المنسي والرشد الخير والمنفعة و أقرب على معناه الحقيقي ولا يخفى أن هذا أقرب من جهة المتعلق وأبعد من جهات وقيل : إنه متعلق بالمتعاطفات قبله و هذا إشارة إلى ما تضمنته من الخير أمرا ونهيا كأنه قيل افعل كذا ولا تفعل كذا واطمع من ربك أن يهديك لأقرب مما أرشدت إليه في ضمن ما سمعت من الأمر والنهي خيرا ومنفعة وقد هدى في ضمن ما أنزل عليه E بعد ذلك من الأوامر والنواهي إلى ما هو أقرب من ذلك منفعة ولا يكاد يحصى وهو كما ترى ولعله على علاته أقرب مما نقل عن الجبائي وقال ابن الأنباري : معنى الآية عسى أن يعرفني ربي جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد ولا يكاد يستفاد هذا المعنى من الآية وعلى فرض الاستفادة تكون نظير استفادة المعاني المرادة من المعميات ويجل كتاب الله تعالى الكريم عن ذلك وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن رجل من أهل الكوفة أنه كان يقول : إذا نسي الانسان الاستثناء فتوبته أن يقول عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا وحكاه أبو حيان عن محمد الكوفي المفسر والظاهر أنه الرجل الذي ذكره المعتمر وهو قول لا دليل عليه ولبثوا في كهفهم أحياء مضروبا على آذانهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا 52 وهي جملة مستأنفة مبينة كما قال مجاهد لما أجمل في قوله تعالى فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا واختار ذلك غير واحد قال في الكشف : فعلى هذا قوله تعالى قل الله أعلموا بما لبثوا تقرير لكون المدة المضروب فيها على آذانهم هي هذه المدة كأنه قيل قل الله أعلم بما لبثوا وقد أعلم فهو الحق الصحيح الذي لا يحوم حوله شك قط وفائدة تأخير البيان التنبيه على أنهم تنازعوا في ذلك أيضا لذكره عقيب اختلافهم في عدة أشخاصهم وليكون التذييل بقل الله أعلم محاكيا للتذييل بقوله سبحانه قل ربي أعلم بعدتهم وللدلالة على أنه من الغيب الذي أخبر به E ليكون معجزا له