العلم من قبله إذايتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا لعلمهم بحقيقتهووقوفهم على ماأودع فيه من الأسرار ويخرون للأذقان يبكون لعظمته أو شوقا لمنزله وحبا للقائه قال أبو يعقوب السوسي : البكاء على أنواع بكاء من الله تعالى وهو أن يبكي خوفا مما جرى به القلم في الفاتحة ويظهر في الخاتمة وبكاء على الله D وهو أن يبكي تحسرا على ما يفوته من الحق تعالى وبكاء لله تبارك وتعالى وهو أن يبكي عند ذكره سبحانه وذكر وعده ووعيده وبكاء بالله تعالى وهو أن يبكي يلاحظ منه في بكائه وقال القاسم : البكاء على وجوه بكاء الجهال على ما جهلوا وبكاء العلماء على ما قصروا وبكاء الصالحين مخافة الفوت وبكاء الأئمة مخافة السوق وبكاء الفرسان من أرباب القلوب للهيبة والخشية ولا بكاء للموحدين وفي الآية إشارة ما إلى السماع ولا أشرف من سماع القرآن فهو الروح والريحان قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن قيل دعاء الله بالفناء في الذات ودعاء الرحمن بالفناء في الصفة وصفة الرحمانية هي أم الصفات وبها استوى سبحانه على عرشه ومن ذلك يعلم أنه ليس المراد من الايجاد إلا رحمة الموجودين أيا ما تدعو أي أيا ما طلبت من هذين المقامين فله تعالى في هذين المقامين الأسماء الحسنى لا لك إذ لست هناك بموجود إما في الفناء في الذات فظاهر وأما في الفناء في الصفة المذكورة فلأن الرحمن لا يصلح اسما لغير تلك الذات ولا يمكن ثبوت تلك الصفة لغيرها ولا يخفى عليك أن ضمير له على هذا التأويل عائد على ما عاد إليه على التفسير وفي الفتوحات المكية أنه تعالى جعل الأسماء الحسنى لله كما هي للرحمن غير أن الإسم له معنى وصورة فيدعى الله بمعنى الإسم ويدعى الرحمن بصورته لأن الرحمن هو المنعوت بالنفس وبالنفس ظهرت الكلمات الإلهية في مراتب الخلاء الذي ظهر فيه العالم فلا ندعوه إلا بصورة الاسم وله صورتان صورة عندنا من أنفاسنا وتركيب حروفنا وهي التي ندعوه بها وهي أسماء الأسماء الإلهية وهي كالخلع عليها ونحن بصورة هذه الأسماء مترجمون عن الأسماء الإلهية ولها صور من نفس الرحمن من كونه قائلا ومنعوتا بالكلام وخلف تلك الصور المعاني التي هي كالأرواح للأسماء الإلهية التي يذكر الحق بها نفسه وهي من نفس الرحمن فله الأسماء الحسنى وأرواح تلك الصور هي التي لاسم الله خارجة عن حكم النفس لا تنعت بالكيفية وهي لصور الأسماء النفسية الرحمانية كالمعاني للحروف ولما علمنا هذا وأمرنا بأن ندعوه سبحانه وخيرنا بين الإسمين الجليلين فإن شئنا دعوناه بصور الأسماء النفسية الرحمانية وهي الهمم الكونية التي في أرواحنا وإن شئنا دعوناه بالأسماء التي من أنفاسنا بحكم الترجمة فإذا تلفظنا بها أحضرنا في نفوسنا أما الله فننظر المعنى وأما الرحمن فننظر صورة الاسم الالهي النفسي الرحماني كيفما شئنا فعلنا فإن دلالة الصورتين منا ومن الرحمن على المعنى واحد سواء علمنا ذلك أو لم نعلمه ا ه وهو كلام يعسر فهمه إلا على من شاء الله تعالى بيد أنه ليس فيه حمل الدعاء على ما سمعت وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فضلا عن أن يكون له سبحانه ولد بطريق التولد ولم يكن له شريك في الملك فلا مدخل لغيره تعالى في ملكية شيء على الحقيقة وما يوجد بسبب ليس السبب إلا آلة له ولا تملك الآلة شيئا بل لا شيء إلا وهو صنعه تعالى على الحقيقة والسرير مثلا وإن أضيف إلى النجار من حيث الصنعة إلا أنه في الحقيقة آلة كالقدوم ولا يضاف العمل إلى الآلة على الحقيقة كذا قيل وللشيخ قدس سره كلام في هذا المقام يفصح عن بعض هذا ذكره في الباب الثامن والتسعين بعد المائة فارجع إليه وتدبر وكذا له كلام في قوله سبحانه ولم يكن له ولي من الذل لكن يغني عنه ما قدمناه وكبره تكبيرا قال بعضهم تكبيره تعالى أن تعلم أنك لا تطيق أن تكبره إلا به وقال ابن عطاء تكبيره D بتعظيم منته وإحسانه في القلب بالعلم بالتقصير في الشكر وكيف يوفى