الرفع العطف على الجملة الفعلية ولو رفع على الابتداء في غير القرآن جاز إلا أنه لا بد له من ملاحظة مسوغ عند من لا يكتفي في صحة الابتداء بالنكرة بحصول الفائدة وعلى هذا أخرجه الحوفي .
وقال ابن عطية : هو مذهب سيبويه وقال الفراء : هو منصوب بأرسلناك أي ما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا كما تقول رحمة لأن القرآن رحمة ولا يخفى أنه إعراب متكلف لا يكاد يقوله فاضل ومما يقضي منه العجب ما جوزه ابن عطية من نصبه بالعطف على الكاف في أرسلناك .
وقال أبو البقاء : وهو دون الأول وفوق ما عداه إنه منصوب بفعل مضمر دل عليه آتينا السابق أو أرسلناك وجملة فرقناه في موضح الصفة له أي آتيناك قرآنا فرقناه أي أنزلناه منجما مفرقا أو فرقنا فيه بين الحق والباطل فحذف الجار وانتصب مجروره على أنه مفعول به على التوسع كما في قوله .
ويوما شهدناه سليما وعامرا .
وروي ذلك عن الحسن وعن ابن عباس بينا حلاله وحرامه وقال الفراء : أحكمناه وفصلناه كما في قوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وأبي : وعبد الله وأبو رجاء وقتادة والشعبي وحميد وعمر بن قائد وزيد بن علي وعمرو بن ذر وعكرمة والحسن بخلاف عنه فرقناه بشد الراء ومعناه كالمخفف أي أنزلناه مفرقا منجما بيد أن التضعيف للتكثير في الفعل وهو التفريق وقيل فرق بالتخفيف يدل على فصل متقارب وبالتشديد على فصل متباعد والأول أظهر ولما كان قوله تعالى الآتي على مكث يدل على كثرة نجومه كانت القراءتان بمعنى وقيل معناه فرقنا آياته بين أمر ونهي وحكم وأحكام ومواعظ وأمثال وقصص وأخبار ومغيبات أتت وتأتي والجمهور على الأول .
وقد أخرج ابن أبي الحاتم وابن الأنباري وغيرهما عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة ونجمه جبريل عليه السلام على النبي عشرين سنة وفي رواية أنه أنزل ليلة القدر في رمضان ووضع في بيت العزة في السماء الدنيا ثم أنزل نجوما في عشرين وفي رواية في ثلاث وعشرين سنة وفي أخرى في خمس وعشرين وهذا الاختلاف على ما في البحر مبني على الاختلاف في سنه .
وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة عن الحسن كان يقول : أنزل الله القرآن على نبي الله في ثمان عشرة سنة ثمان سنين بمكة وعشر بعد ما هاجر .
وتعقبه ابن عطية بأنه قول مختل لا يصح عن الحسن واعتمد جمع أن بين أوله وآخره ثلاثا وعشرين سنة وكان ينزل به جبريل عليه السلام على ما قيل خمس آيات خمس آيات فقد أخرج البيهقي في الشعب عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال : تعلموا القرآن خمس آيات خمس إيات فإن جبريل عليه السلام كان ينزل به خمسا خمسا .
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي مضرة قال : كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القرآن خمس ءايات بالغداة وخمس ءايات بالعشي ويخبر أن جبريل عليه السلام نزل به خمس ءايات خمس ءايات وكان المراد في الغالب فإنه قد صح أنه نزل بأكثر من ذلك وبأقل منه .
وقرأ أبي وعبد الله فرقناه عليك لتقرأه على الناس على مكث أي تؤدة وتأن فإنه أيسر للحفظ وأعون على الفهم روي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقيل أي تطاول في المدة وتقضيها شيئا فشيئا والظاهر