ما يؤيد الثاني الخبر فسل بني إسرائيل وقرأ جمع فسل والظاهر أنه خطاب لنبينا والسؤال بمعناه المشهور إلا أن الجمهور على أنه خطاب لموسى عليه السلام والسؤال إما بمعنى الطلب أو بمعناه المشهور لقراءة رسول الله وأخرجها أحمد في الزهد وابن المنذر وابن جرير وغيرهم عن ابن عباس فسأل على صيغة الماضي بغير همز كقال وهي لغة قريش فإنهم يبدلون الهمزة المتحركة وذلك لأن هذه القراءة دلت على أن السائل موسى عليه السلام وأنه مستعقب عن الإيتاء فلا يجوز أن يكون فاسأل خطابا للنبي لئلا تتخالف القراءتان ولا بد إذ ذاك من إضمار لئلا يختلفا خبرا وطلبا أي فقلنا له اطلبهم من فرعون وقل له أرسل معي بني إسرائيل أو اطلب منهم أن يعاضدوك وتكون قلوبهم وأيديهم معك أو سلهم عن إيمانهم وعن حال دينهم واستفهم منهم هل هم ثابتون عليه أو اتبعوا فرعون ويتعلق بالقول المضمر قوله تعالى : إذجاءهم وهو متعلق بسال على قراءته والدليل على ذلك المضمر في اللفظ قوله تعالى : فقال له فرعون لأنه لو كان فاسأل خطابا لنبينا E لانفك النظم وأيضا لا يظهر استعقابه ولا تسببه عن إيتاء موسى عليه السلام نعم جعل الذاهبون إلى الأول فاسأل اعتراضا من باب زيد فأعلم فقيه والفاء تكون للإعتراض كالواو وعلى ذلك قوله : واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا وهذا الوجه مستغن عن الإضمار و إذ جاءهم متعلق عليه بآتينا ظرفا ولا يصح تعلقه بسل إذ ليس سؤاله في وقت مجيء موسى عليه السلام قال في الكشف : والمعنى فاسأل يا محمد مؤمني أهل الكتاب عن ذلك إما لأن تظاهر الأدلة أقوى وإما من باب التهييج والإلهاب وإما للدلالة على أنه امر محقق عندهم ثابت في كتابهم وليس المقصود حقيقة السؤال بل كونهم أعني المسؤلين من أهل علمه ولهذا يؤمر بسؤالهم وهذا هو الوجه الذي يجمل به موقع الإعتراض وجوز أن يكون منصوبا باذكر مضمرا على أنه مفعول به وجاز على هذا أن لا يجعل فاسأل اعتراضا ويجعل اذكر بدلا عن اسأل لما سمعت من أن السؤال ليس على حقيقته وكذا جوز أن يكون منصوبا كذلك بيخبروك مضمرا وقع جواب الأمر أي سلهم يخبروك إذجاءهم .
ولا يجوز على هذا الإعتراض نعم يجوز الإعتراض على هذا بأن أخبر يتعدى بالباء أو عن لا بنفسه فيجب أن يقدر بدل الإخبار الذكر ونحوه مما يتعدى بنفسه وأما جعله ظرفا غير صحيح إذ الإخبار غير واقع في وقت المجيء واعترض أيضا بأن السؤال عن الآيات والجواب بالإخبار عن وقت المجيء أو ذكره لا يلائمه .
ويمكن الجواب بأن المراد يخبروك بذلك الواقع وقت مجيئه لهم أو يذكروا ذلك لك وهو كما ترى وبعضهم جوز تعلقه بيخبروك على أن إذ للتعليل وعلى هذا يجوز تعلقبه باذكر والمعنى على سائر احتمالات كون الخطاب لنبينا E إذجاء آباءهم إذ بنوا اسرائيل حينئذالموجودون في زمانه وموسى عليه السلام ما جاءهم فالكلام إما على حذف مضاف أو على ارتكاب نوع من الاستخدام والاحتمالات علي تقدير جعل الخطاب لمن يسمع هي الاحتمالات التي سمعت على تقدير جعله لسيد السامعين E .
والفاء في فقال على سائر الاحتمالات والأوجه فصيحة والمعنى إذجاءهم فذهب إلى فرعون وادعى النبوة وأظهر المعجزة وكيت وكيت فقال : إني لأظنك يا موسى مسحورا 101 سحرت فاختل عقلك ولذلك اختل كلامك