عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الامام الشافعي وعن أبي إسحق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر ويؤيده ظاهر ما صح عن ابن عباس ورواه مسلم أيضا أنه لما قال : جمع رسول الله بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر قيل له : لم فعل ذلك فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته وهو من الحرج بمعنى المشقة فلم يعلله بمرض ولا غيره ويعلم مما ذكرنا من قول الترمذي في آخر كتابه ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلا حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة ناشيء من عدم التتبع نعم ما قاله في الحديث الثاني صحيح فقد صرحوا بأنه حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه .
وقال ابن الهمام : إن حديث ابن عباس معارض بما في مسلم من حديث التعريس أنه قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى وللبحث في ذلك مجال .
وذهب الامام أبي حنيفة عدم جواز جمع صلاتي الظهر والعصر في وقت إحداهما والمغرب والعشاء كذلك مطلقا إلا بعرفات فيجمع فيها بين الظهر والعصر بسبب النسك وإلا بمزدلفة فيجمع فيها بين المغرب والعشاء بسبب ذلك أيضا واستدل بما استدل وفي الصحيحين وسنن أبي داود وغيره ما لا يساعد على التخصيص وأنت تعلم أن الاحتياط فيما ذهب إليه الامام رضي الله تعالى عنه فالمحتاط لا يخرج صلاة الظهر مثلا عن وقتها المتيقن الذي لا خلاف فيه إلى وقت فيه خلاف وقد صرح غير واحد بأنه إذا وقع التعارض يقدم الأحوط وتعارض الأخبار في هذا الفصل مما لا يخفى على المتتبع هذا وزعم بعضهم أن المراد بالصلاة المأمور بإقامتها صلاة المغرب والتحديد المذكور بيان لمبدأ وقتها ومنتهاه على أن الغاية خارجة واستدل به على امتداده إلى غروب الشفق وهو خلاف ما ذهب إليه الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه في الجديد من أنه ينقضي بمضي قدر زمن وضوء وغسل وتيمم وطلب خفيف وإزالة خبث مغلط يعم البدن والثوب والمحل وستر عورة واجتهاد في القبلة وأذان وإقامة وألحق بهما سائر سنن الصلاة المتقدمة متعمم وتقمص ومشي لمحل الجماعة وأكل جائع حتى يشبع وسبع ركعات ولعل الزمان الذي يسع كل هذا يزيد على زمن ما بين غروب الشمس وغروب الشفق وفسر الغسق باجتماع الظلمة وشدتها كان ذلك مؤيدا لما في ظاهر الرواية عن الامام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه من أول وقت العشاء حتى يغيب الشفق بمعنى البياض الذي يعقب الحمرة في الأفق الغربي لأن الظلمة لا تجتمع ولا تشتد ما لم يغب ولا يأبى ذلك أن الأحاديث الصحيحة صريحة في أن أول وقتها حين يغيب الشفق وهو اللغة الحمرة المعلومة لأن تفسيره بالبياض قد جاء أيضا وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر ومعاذ بن جبل وعائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ورواه عبدالرزاق عن أبي هريرة وعن عمر بن عبد العزيز وبه قال الأوزاعي والمزني وابن المنذر والخطابي واختاره المبرد : وثعلب وما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه قال : أول وقت العشاء حين يغيب الأفق ظاهر في كون الشفق البياض إذ لا غيبوبة للأفق إلا بسقوطه نعم ذهب