أي ليتسببوا إلى خروجك منها وكان هذا الاستفزاز بما فعلوا من حصره في الشعب والتضييق عليه E ووقع ذلك بعد نزول الآية كما في البحر وصار سببا لخروجه مهاجرا .
وإذا لا يلبثون أي إن استفزوك فخرجت لا يبقون خلافك أي بعدك وبه قرأ عطاء بن رباح واستحسن أنها تفسير لا قراءة لمخالفتها سواد المصحف وأنشدوا .
عفت الديار خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا وقرأ أهل الحجاز وأبو بكر وأبو عمرو خلفك بغير ألف والمعنى واحد واللفظان في الأصل من الظروف المكانية فتجوز فيهما واستعملا للزمان وقد أطرد إضافتهما كقبل وبعد إلى أسماء الأعيان على حذف مضاف يدل عليه ما قبله أي لا يلبثون خلف استفزازك وخروجك إلا قليلا 67 أي إلا زمانا قليلا وجوز أن يكون التقدير إلا لبثا قليلا والمعنيان متقاربان واختير التقدير الأول لأن التوسع أعنى إقامة الوصف مقام الموصوف في بالظروف أشبه وهذا وعيد لهم بإهلاك مجموعهم من حيث هو مجموع بعد خروجه بقليل وتحقق بإفناء البعض في بدر لا سيما وقد كانوا صناديدهم والرؤس وأنت تعرف أن معظم الشيء يقام مقام كله وكان الزمان القليل على ما روى ابن أبي حاتم عن السدي ثمانية عشر شهرا ويجوز أن يفسر الإخراج بالإكراه على الخروج والوعيد بإهلاك كل واحد منهم أي لو أخرجوك لاستؤصلوا على بكرة أبيهم لكن لم يقع المقدم لأن الاكراه على الخروج مباشرة وقد خرج رسول الله مهاجرا بأمر ربه D فلم يقع التالي وهذا هو التفسير المروي عن مجاهد قال : أرادت قريش ذلك ولم تفعل لأنه سبحانه أراد استبقاءها وعدم استئصالها ليسلم منها ومن أعقابها من يسلم فأذن لرسوله E بالهجرة فخرج بإذنه لا بإخراج قريش وقهرهم و الاخراج في قوله تعالى وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك محمول على المعنى الأول وكذا في قول ورقة : ياليتني كنت جذعا إذيخرجك قومك وقوله Eأو مخرجي هم فلم تتضمن الآية وكذا الخبر إثبات إخراج قلنا بنفيه هنا والقول بأنه يلزم على هذا التناقض بين هذه الآية والآية السابقة بناء على تفسير الإخراج فيها بالتسبب إلى الخروج لأن كاد تدل على مقاربته لا حصوله وهذه الآية دلت على حصوله مجاب عنه بأن قصارى ما دلت عليه الآية السابقة على التفسير الأول قرب حصول الاستفزاز منهم ليتسببوا به إلى خروجه وأنه إن لم يكن حاصلا وقت نزول الآية لا أنه لا يكون حاصلا أبدا ليناقض حصوله بعد وحكى الزجاج أن استفزازهم ما أجمعوا عليه في دار الندوة من قتله والمراد من الأرض وجه البسيطة مطلقا وقال أبو حيان : المراد ما على هذا الدنيا وقيل ضمير كادوا وما بعده لليهود فقد أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم قال : إن اليهود أتوا النبي فقالوا إن كنت نبيا فالحق بالشام فإنها أرض المحشر وأرض الأنبياء فصدق رسول الله E ما قالوا فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى وإن كادوا ليستفزونك إلى تحويلا وأمره بالرجوع إلى المدينة وقال فيها محياك وفيها مماتك ومنها تبعث وفي رواية أنهم قالوا : يا أبا القاسم إن الشام أرض مقدسة وهي أرض الأنبياء فلو خرجت إليها لآمنا بك وقد علمنا أنك تخاف الروم فإن كنت نبيا فاخرج إليها فإن الله تعالى سيحميك كما حمى غيرك من