للمفعول ورفع كل على النيابة عن الفاعل وفي رواية أخرى يدعوا بضم الياء وفتح العين بعدها واو ورفع كل وخرجت على وجهين فإن الظاهر يدعون بإثبات النون التي هي علامة الرفع الأول إن الواو ليست ضمير جمع ولا علامته وإنما هي حرف من نفس الكلمة وكانت ألفا والأصل يدعى كما في القراءة الأخرى وقلبت الألف واوا على لغة من يقول في أفعى وهي الحية أفعو وهذه اللغة مخصوصة بالوقف على المشهور فيكون قد أجرى هنا الوصل مجرى الوقف ونقل عن سيبويه أن قلب الألف في الآخر واو لغة مطلقا والثاني أن الواو ضمير أو علامة كما يتعاقبون فيكم ملائكة والنون محذوفة كما في قوله : لا تؤمنوا حتى تحابوا وكما تكونوا يولى عليكم في قول وكذا في قول الشاعر : أبيت أسرى وتبيتي تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي وكأنها لكونها علامة إعراب عوملت معاملة حركته في إظهارها تارة وتقديرها أخرى ولا فرق في كونها علامة إعراب بين أن تكون الواو ضميرا وأن تكون علامة جمع على الصحيح والظاهر أن حذفها في مثل ما ذكر شاذ لا ضرورة وإلا فلا يصح هذا التخريج في الآية وفي توجيه رفع كل على هذه القراءة الأقوال في توجيه الرفع في أمثاله وهي مشهورة في كتب النحو فمن أوتي يومئذ من أولئك المذعوين كتابه صحيفة أعمالهم والله سبحانه أعلم بحقيقتها بيمينه إبانة لخطر الكتاب المؤتى وتشريفا لصاحبه وتبشيرا له من أول الأمر بما في مطاويه فأولئك إشارة إلى من باعتبار معناه وكأنه أشير بذلك إلى أنهم حزب مجتمعون على شأن جليل وقيل فيه إشعار بأن قراءتهم لكتبهم على وجه الاجتماع لا على وجه الانفراد كما في حال الايتاء وأكثر الأخبار ظاهرة في أن حال القراءة كحال الايتاء نعم جاء من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنه يؤتى العبد كتابه بيمينه فيقرأ سيئاته ويقرأ الناس حسناته ثم يحول الصحيفة فيحول الله تعالى حسناته فيقرؤها الناس فيقولون ما كان لهذا العبد من سيئة .
ويحتمل أن يكون كل من يؤتى كتابه بيمينه بعد أن يقرأه منفردا يأتي أصحابه ويقول هاؤم اقرؤا كتابيه فيجتمعون عليه ويقرؤنه ويقرؤه هو أيضا معهم تلذذا به لكن لم نجد في ذلك أثرا ومع هذا لا يجدي نفعا فيما أراد القائل وفي إلحاق اسم الإشارة علامة البعد إشارة إلى رفعه درجات المشار إليهم أي أولئك المختصون بتلك الكرامة التي لا يشعر بها إيتاء الكتاب باليمين يقرءون ولو لم يكونوا قارئين في الدنيا كتابهم الذي أوتوه باليمين ليذكروا أعمالهم ويقفوا على تفاصيلها فيحاسبوا عليها وقيل يقرؤنه تبجحا بما سطر فيه من الحسنات المستتبعة لفنون الكرامات والإظهار في مقام الإضمار لمزيد الاعتناء ولا يظلمون أي لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة في كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فتيلا 17 أي قدر فتيل وهو القشر الذي في شق النواة سمي بذلك لأنه على هيئة الشيء المفتول وقيل هو ما تفتله بين أصابعك من خيط أو وسخ ويضرب به المثل في الشيء الحقير ثم إن الذي يسرع إلى الذهن أن فاعل الايتاء الملائكة عليهم السلام يعطون السعيد بعد أن يدعى كتابه بيمينه فيقرؤه فيحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا .
لكن أخرج العقيلي عن أنس عن النبي قال : الكتب كلها تحت العرش فإذا كان يوم القيامة