الصورة وعن ابن جرير بالتسلط على غيرهم من الخلق وتسخيره لهم وعن محمد بن كعب بجعل محمد منهم .
وقيل : بخلق الله تعالى أباهم آدم بيديه وقيل : بتدبير المعاش والمعاد وقيل : بالخط وقيل : باللحية للرجل والذؤابة للمرأة وقيل وقيل والكل في الحقيقة على سبيل التمثيل ومن ادعى الحصر في واحد كابن عطية حيث قال : إنما التكريم بالعقل لا غير فقد ادعى غلطا ورام شططا وخالف صريح العقل وصحيح النقل ولذا استدل الإمام الشافعي بالآية على عدم نجاسة الآدمي بالموت وحملناهم في البر والبحر على أكباد رطبة وأعواد يابسة من الدواب والسفن فهو من حملته على كذا إذا أعطيته ما يركبه ويحمله فالمحمول عليه مقدر بقرينة المقام .
وقيل : المراد من حملهم في البر والبحر جعلهم قارين فيهما بأن لم يخسف بهم الأرض ولم يغرقهم بالماء والأول أنسب بالتكريم إذ لا يثبت لشيء من الحيوانات سواهم بخلاف الثاني ورزقناهم من الطيبات أي فنون النعم وضروب المستلذات مما يحصل بصنعهم وبغير صنعهم من المأكولات والملبوسات والمفروشات والمقتنيات وغير ذلك وفضلناهم قيل : أي بالتكريم المذكور على كثير ممن خلقنا تفضيلا 07 عظيما والمراد أن ذلك مخصوص بهم بالنسبة إلى الكثير فلم يكرم الكثير كما كرموا وبحث الإمام في هذا المقام بأنه تعالى قال أولا ولقد كرمنا بني آدم وقال سبحانه هنا وفضلناه فلا بد من فرق بين التكريم والتفضيل لئلا يلزم التكرار .
والأقرب في ذلك أن يقال : إنه تعالى فضل الإنسان على سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط والصورة الحسنة والقامة المديدة ثم أنه D عرضه بواسطة العقل والفهم لاكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة فالأول هو التكريم والثاني هو التفضيل فكأنه قيل فضلناهم بالتعريض لاكتساب ما فيه النجاة والزلفى بواسطة ما كرمناهم به من مبادي ذلك فعليهم أن يشكروا ويصرفوا ما خلق لهم لما خلق له فيوحدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا ويرفضوا ما هم عليه من عبادة غيره D ويقال نحو هذا على ما سبق أيضا بقليل تغيير وقال الطيبي : قدد كرر في الآية ما ينبغي عن غاية المدح من ذكر الكرامة والتفضيل وتسخير الأشياء على سبيل الترقي كأنه قيل : ولقد كرمنا بني آدم بكرامة أبيهم عليه السلام ثم سخرنا لهم الأشياء ورزقناهم من الطيبات ثم فضلناهم تفضيلا أي تفضيل ولذا عقب بها قوله سبحانه وإذ قلنا للملائكة اسجدوا الخ وهو لبيان كرامة أبيهم وما توسط بينهما من الآيات كالاستطراد والاعتراض إلى آخر ما قال ويعلم منه دفع التكرار وإن لم يسقه لذلك الغرض وفيه تخصيص التكريم وكذا فيما قيل إن التكريم بالنعم التي يصح بها التكليف الذي عرضهم به للمنازلة الرفيعة والمراد بالكثير من عدا الملائكة عليهم السلام عند الكثير ومنهم الزمخشري وزعم أن الآية صريحة في تفضيل الملك على البشر وشنع على أهل السنة تشنيعا أقذع فيه .
والحق أنها لا تصلح للاحتجاج على التفضيل المتنازع فيه ففي الكشف أن الظاهر من سياق الآية أنه حث للإنسان على الشكر وعلى أن لا يشرك به تعالى حيث ذكر ما في البر والبحر من حسن كلاءته سبحانه له وضمن فيه أنه جلا وعلا هداهم إلى الفلك وصنعته وما يترتب عليه من الفوائد في قوله سبحانه ربكم الذي يسجي لكم الفلك الآيات فقال D ولقد كرمنا بني آدم أي هذا النوع من بين سائر الأنواع باصطناعات خصصناهم بها فذكر تعالى منها حملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وتفضيلهم على كثير من المخلوقات وهذا التفضيل لا يراد منه عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى وهو المتنازع فيه لأن الحكم للنوع من حيث هو وذكر