الاشارة مبتدأ والموصول نعت أو بيان والخبر جملة يبتغون أو الموصول هو الخبر ويبتغون حال أو بدل من الصلة وقوله تعالى : أيهم أقرب فيه وجوه من الإعراب فالزمخشري ذكر وجهين الأول كون أي موصولة بدلا من ضمير يبتغون بدل بعض من كل وهي إما معربة أو مبنية على اختلاف الرأيين أي أولئك المعبودين يطلب من هو أقرب منهم الوسيلة إلى الله تعالى بطاعته فكيف بالأبعد وليس فيه إلا حذف صدر الصلة والتقدير أيهم أقرب وهو مما لا بأس ولا ينافي ذلك جمع يرجون ويخافون فيما بعد لعدم اختصاص ما ذكر بالأقرب أو لكون الأقرب متعددا والثاني كون أي استفهامية وهي مبتدأ و أقرب خبرها والجملة في محل نصب بيبتغون وضمن معنى يحرصون فكأنه قيل يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله تعالى وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح قيل واعتبر التضمين ليصح التعليق فإنه مختص بأفعال القلوب خلافا ليونس .
وقال الطيب : لابد من تقدير حرف الجر لأن حرص تتعدى بعلي كقوله تعالى : إن تحرص على هداهم و لابد من تأويل الإنشاء بأن يقال يحرصون على ما يقال فيه أيهم أقرب إلى الله تعالى بسببه من الطاعة ويتعلق حينئذ قوله تعالى : إلى ربهم بأقرب وهو كما ترى .
وقال صاحب الكشف في تحقيق هذا الوجه : إن المطالب إذا كانت مشتركة اقتضت التسارع إليها في العادة وهو نفس الحرص أو مالا ينفك عنه فناسب أن يضمن الابتغاء معنى الحرص لا سيما وبعده استفهام لا يحسن موقعه دون تضمينه لأن قولك أيهم أقرب إلى فلان بكذا سؤال عن مميز أحدهم عن الباقين بما يتقرب به زيادة فضيلة مع الاستواء في أصل التقرب فإذا ورد استئنافا بعد فعل صالح لأن يكون معلوله وجب تقديره ذلك لأنك إذا قلت هؤلاء يحرصون على الهدى كان كلاما جاريا على الظاهر وإذا قلت هؤلاء يحرصون على أيهم يكون أهدى أفاد أن حرصهم ذلك على الهدى مع مغالبة بعضهم بعضا فيه فيكون أتم في وصفهم بالحرص عليه .
ووجه الإفادة أنه تعقيبه على وجه التعليل وكأن كل واحد يسأل نفسه أهو أهدى أم غيره أي هو أشد حرصا عليه أم غيره إذ لا معنى لهذا السؤال عن النفس إلا وتعرف أن ثمت تقصيرا في ذلك أولا وعلى هذا لو قلت يحرصون على الهدى أيكم يكون أهدى عد مستهجنا لأن الاستئناف سد مسد صلته كما في أمرته فقام ولو شاء ربك لآمن وود لو أنه أحسن وكم وكم فعلى هذا الطلب واقع على الوسيلة وهي الطاعة والحرص على الأقربية بها والازدياد منها ولا يمكن أن يستغني عن يحرصون بإجراء أيهم أقرب مجرى التعليل ليبتغون على ما أشير إليه لأن أيهم أقرب لا يصلح جوابا فارقا بين الطالبين وغيرهم إنما هو فارق بين الطالبين أعنى المتقربين بعضهم مع بعض وهو يناسب الحرص والشعف ولأن صلة الطلب أعنى الوسيلة مذكورة وقد عرفت أن الاستئناف مغن عن ذلك والجمع مستهجن ا ه .
ولعمري لم يبق في القوس منزعا في تحقيقه لكن الوجه مع هذا متكلف و وجوز الحوفي والزجاج أن يكون أيهم أقرب مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب بينظرون أي يفكرون والمعنى ينظرون أيهم أقرب فيتوسلون به وكأن المراد يتوسلون بدعائه وإلا ففي التوسل بالذوات ما فيه وتعقب ذلك في البحر بأن في إضمار الفعل المعلق نظرا ومع ذا هو وجه غير ظاهر وجوز أبو البقاء كون أيهم أقرب جملة استفهامية في موضع نصب بيدعون وكون أي موصولة بدلا من ضمير يدعون وتعقب الأول بأن فيه تعليق ما ليس بفعل قلبي والجمهور