المستقيم لئلا يوهم أنه كان وحاشاه يتركها قبل هذا وهذا الإيهام ادعى للاعتناء بدفعه من الإيهام فيما خوطب به وحده وخوطب بالنهي عن الشرك لأن معهودية دعوته للخاص والعام مدى الليالي والأيام كفته هذا الإيهام .
والتاسع لعل التكاليف التي خوطب بها كترك القفو لما ليس له به علم وترك المشي في الأرض مرحا لم تكن في غير دينه من سائر الأديان أو لم تكن مصرحا بها منصوصا عليها في الكتب السماوية ما عدا القرآن فوجه الخطاب إليه وحده تلويحا بأنها من خصائص دينه أو بأن التصريح بها والتنصيص عليها من خصائص كتابه ويؤيد هذا الوجه قوله تعالى بعد النهي عن القفو بلا علم والمشي مرحا ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ثم إني لا أدعي في هذا بل وفي سائر الوجوه البت والجزم ولا أقفو ما ليس لي به علم بل أقول هذا خطر ببالي الكسير والعلم عند اللطيف الخبير ا ه .
ويرد على قوله في الأول فإن انتقاءه بأن لا يحسن إليهما أصلا من أشد مراتب العقوق أن العقوق الذي هو كبيرة فعل ما يتأذى به من فعل معه من الوالدين تأذيا ليس بالهين عرفا كما سمعت وعدم الإحسان أصلا قد لا يكون من ذلك قال العلامة ابن حجر في أثناء الكلام على الفرق بين العقوق وقطع الرحم : إنه لو فرض أن قريبه لم يصل إليه إحسان ولا إساءة قط لم يفسق بذلك لأن الأبوين إذا فرض ذلك في حقهما من غير أن يفعل معهما ما يقتضي التأذي العظيم لغناهما مثلا لم يكن كبيرة فأولى ببقية الأقارب ا ه وكأنه أحسن الله تعالى إليه ظن أنه إذا تحقق عدم الإحسان تحققت الإساءة وهو بمعزل عن الصواب ويرد أيضا على قوله : وظاهر أن عدم القيام بإيتاء مجموع الحقوق الثلاثة أهون من ترك الأمور المذكورة في القسم الثاني أنه إن أراد أنه أهون من ترك مجموع التكليفات فما معنى هذا التخصيص وإن أراد أنه أهون من ترك كل واحد من ترك الأمور المذكورة فهو ممنوع كيف لا ويكون في ذلك قطيعة رحم وقاطعها ملعون في كتاب الله تعالى في ثلاثة مواضع .
وروى أحمد بإسناد صحيح أن من أربا الربا الاستطالة بغير حق وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن فمن قطعها حرم الله تعالى عليه الجنة ومنع زكاة أيضا وقد قال تعالى في حم السجدة وهي مكية كهذه السورة وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون وإن نوقش فيما ذكر قلنا : إن عدم القيام بإيتاء ما ذكر صادق على منع حقوق ثلاثة أصناف ولا شك أن منع ذي الحق حقه ظلم له فيتعدد الظلم فيما نحن فيه ولا أظن أن ذلك أهون من التطفيف وإن كان ظلما أيضا : وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على القلب من وقع الحسام المهند ومما ذكرنا يعلم أن قوله ظاهر غير ظاهر ويرد أيضا على قوله : وترك واحد من هذه الخمسة الخ أن قوله سبحانه ولا تقف ما ليس لك به علم نهي على ما اختاره الإمام عن كبائر لا شك في أن بعضها أعظم بكثير من بعض ما في القسم الثاني كالقول في الإلهيات والنبوات نحو ما يقوله المشركون تقليدا للأسلاف واتباعا للهوى وإن أبيت إلا تخصيصه ببعض ما قاله المفسرون ونقله الإمام مما هو أهون أفراده كالكذب قيل لك