من الحكمة التي هي علم الشرائع أو معرفة الحق سبحانه لذاته والخير للعمل به أو الأحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد وفي الكشاف عن ابن عباس هذه الثماني عشرة آية يعني من لا تجعل فيما مر إلى ملوما مدحورا بعد كانت في ألواح موسى عليه السلام وهي عشر آيات في التوراة وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير عن ابن عباس Bهما أن التوراة كلها خمس عشرة آية من بني إسرائيل ثم تلا ولا تجعل مع الله إلها آخر وهذا أعظم مدحا للقرآن الكريم ما في الكشاف و من إما متعلقة بأوحى على أنها تبعيضية أو ابتدائية وإما بمحذوف وقع حالا من الموصول أو عائده المحذوف أي من الذي أوحاه إليك ربك كائنا من الحكمة وجوز أن يكون الجار والمجرور بدلا من ما ولا تجعل مع الله إلها آخر الخطاب نظير الخطاب السابق كرر للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه وأنه رأس كل حكمة وملاكها ورتب عليه أولا ما هو عائد للشرك في الدنيا حيث قال فتقعد مذموما مخذولا ورتب عليه ههنا نتيجته في العقبى فقيل فتلقى في جهنم ملوما من جهة نفسك ومن جهة غيرك مدحورا 93 مبعدا من رحمة الله تعالى وفي التفسير الكبير الفرق بين المذموم والملوم أن المذموم هو الذي يذكر أن الفعل الذي أقدم عليه قبيح ومنكر والملوم هو الذي يقال له لم فعلت مثل هذا الفعل وما الذي حملك عليه وما استفدت منه إلا إلحاق الضرر بنفسك ومن هذا يعلم أن الذم يكون أولا واللوم آخرا والفرق بين المخذول والمدحور أن المخذول عبارة عن الضعيف يقال تخاذلت أعضاؤه أي ضعفت والمراد به من تركت إعانته وفوض إلى نفسه والمدحور المطرود والمراد به المهان والمستخف به انتهى وفي إيراد الالقاء مبينا للمفعول جرى على سنن الكبرياء وازدراء بالمشرك وجعل له كخشبة يأخذها من كان فيلقيها في التنور هذا وقد وحد الخطاب في بعض هذه الأوامر والنواهي وجمع في بعض آخر منها ولم يظهر لي سر اختيار كل من التوحيد والجمع فيما اختير فيه على وجه يسلم من القيل والقال ويهش له كمل الرجال وقد ذكرت ذلك لبعض أحبابي من أجلة المحققين ورؤساء المدرسين وطلبت منه أن يحرر ما يظهر له حيث إني محقق كماله وفضله فكتب ما نصه أقول معترفا بالقصور محترزا عن الغرور ومعتذرا بالقول المأثور المأمور معذور يخطر على خاطر الفقير لتغيير اسلوب الخطاب وجوه تسعة لا تدخل في الحساب .
الأول الإشعار بانقسام هذه التكاليف إلى أقسام ثلاثة قسم أهل الكل خوطب به الأمة مرتين مرة تصريحا بخطاب أنفسهم ومرة تعريضا بخطاب رسولهم وهذا الأهم هو التوحيد وقسم مهم جدا لكن دون الأول خوطبوا به واحدة تصريحا وهو أمور سبعة الأول مطلق الإحسان بالوالدين فإن انتقاه بأن لا يحسن إليهما أصلا من أشد مراتب العقوق والثاني ترك قتل الأولاد والثالث الزنا والرابع ترك قتل النفس المحرمة إلا بالحق والخامس ترك التصرف في مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن والسادس الايفاء بالعهد والسابع الوزن بالقسطاس المستقيم وقسم ثالث دون الأولين في المهمية خوطبوا به واحدة تعريضا وهو أيضا أمور أحد عشر .
الأول ترك قول أف للوالدين والثاني ترك النهر فإن التأفيف والنهر من أهون مراتب العقوق بخلاف ترك الإحسان مطلقا والثالث قول القول الكريم لهما والرابع خفض الجناح من الرحمة والخامس الدعاء برحمة الله تعالى وهذه الثلاثة تركها ليس كترك مطلق الإحسان مثلا والسادس ترك إيتاء حق ذي القربى والمساكين وابن السبيل وظاهر أن عدم القيام بإيتاء مجموع الحقوق الثلاثة أهون من ترك الأمور المذكورة في القسم