علىعلى أن التمسك بها غير جائز فالقول بحجيتها يفضي إلى نفيه وهو باطل وللمجيب أن يقول نعلم بالتواتر الظاهر من دين النبي أن التمسك بآيات القرآن حجة في الشريعة ويمكن أن يجاب عن هذا بأن كون العام المخصوص حجة غير معلوم بالتواتر فتأمل إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك أي كل هذه الأعضاء وأشير إليها بأولئك على القول بأنها مختصة بالعقلاء تنزيلا لها منزلتهم لما كانت مسؤلة عن أحوالها شاهدة على أصحابها .
وقال بعضهم : إنها غالبة في العقلاء وجاءت لغيرهم من حيث أنها اسم جمع لذا وهو يعم القبيلين ومن ذلك قول جرير على ما رواه غير واحد : ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام وعلى هذا لا حاجة إلى التنزيل وارتكاب الاستعارة فيما تقدم كان عنه مسئولا 63 كل الضمائر ضمائر كل أي كان كل من ذلك مسؤلا عن نفسه فيقال له : هل استعملك صاحبك فيما خلقت له أم لا وذلك بعد جعله أهلا للخطاب والسؤال وجوز أن يكون ضمير عنه لكل وما عداه للقافي فهناك التفات إذ الظاهر كنت عنه مسؤلا .
وقال الزمخشري : عنه نائب فاعل مسؤلا فهو مسند إليه ولا ضمير فيه نحو غير المغضوب عليهم .
ورده أبو البقاء وغيره بأن القائم مقام الفاعل حكمه حكمه في أنه لا يجوز تقدمه على عامله كأصله وذكر أنه حكى ابن النحاس الاجماع على عدم جواز تقديم القائم مقام الفاعل إذا كان جارا ومجرورا فليس ذلك نظير غير المغضوب عليهم وليس لقائل أن يقول : إنه على رأي الكوفيين في تجويزهم تقديم الفاعل إلا أن ينازع في صحة الحكاية ونقل عن صاحب التقريب أنه إنما جاز تقديم عنه مع أنه فاعل لمحا لاصالة ظرفيته لا لعروض فاعليته ولأن الفاعل لا يتقدم لالتباسه بالمبتدأ ولا التباس ههنا ولأنه ليس بفاعل حقيقة ا ه والإنصاف أنه مع هذا لا يقال لما ذهب إليه شيخ العربية إنه غلط .
وذكر في شرح نحو المفتاح أنه مرتفع بمضمر يفسره الظاهر وجوز إخلاء المفسر عن الفاعل إذا لم يكن فعلا معللا بأصالة الفعل في رفع الفاعل فلا يجوز خلوه عنه بخلاف اسمي الفاعل والمفعول تشبيها بالجوامد .
وتعقبه في الكشف بأن فيه نظرا نقلا وقياسا أما الأول فلتفرده به وأما الثاني فلأن احتياج إليه من حيث أنه إذا جرى على شيء لابد من عائد إليه ليرتبط به ويكون هو الذات القائم هو بها إن كان فاعلا أو ملابسا لتلك الذات وليس كالجوامد في ارتباطها بالسوابق بنفس الحمل لأنها تدل على معنى متعلق بذات فالوجه أن يقال حذف الجار واستتر الضمير بعده في الصفة وقد سمعت عن قرب أن هذا من باب الحذف والايصال وأنه شائع وجوز أن يكون مرفوع مسؤلا المصدر وهو السؤال و عنه في محل النصب وسأل ابن جني أبا علي عن قولهم : فيك يرغب وقال لا يرتفع بما بعده فأين المرفوع فقال : المصدر أي فيك يرغب الرغب بمعنى تفعل الرغبة كما في قولهم : يعطي ويمنع أي يفعل الاعطاء والمنع وجوز أن يكون اسم كان أو فاعله ضمير كل محذوف المضاف أي كان صاحبه عنه مسؤلا أو كان عنه مسؤلا صاحبه فيقال له لم استعملت السمع فيما لا يحل ولم صرفت البصر إلى كذا والفؤاد إلى كذا وقرأ الجراح العقيلي والفؤاد بفتح الفاء وإبدال الهمزة واوا وتوجيهها أنه أبدلت الهمزة واوا لوقوعها مع ضمة في المشهور ثم فتحت الفاء تخفيفا وهي لغة في ذلك ولا عبرة بإنكار