فسجد شكرا وقال : الحمد لله تعالى ما وقع مني في عمري قط إلا قبلة وقد قوصصت بها نسأل الله سبحانه أن يعصمنا وذرياتنا ومن ينسب إلينا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن بحرمة النبي وقرأ أبي بن كعب كما أخرجه عنه ابن مردويه ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفورا رحيما فذكر لعمر رضي الله تعالى عنه فأتاه فسأله فقال أخذتها من رسول الله وليس لك عمل إلا الصفق بالنقيع وهذا إن صح كان قبل العرضة الأخيرة ولا تقتلوا النفس التي حرم الله أي حرمها الله تعالى والمراد حرم قتلها بأن عصمها بالإسلام أو بالعهد إلا بالحق متعلق بلا تقتلوا والباء للسببية والاستثناء مفرغ أي لا تقتلوها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق ويجوز أن يكون حالا من الفاعل أو المفعول أي لا تقتلوا إلا ملتبسين بالحق أو لا تقتلوها إلا ملتبسة بالحق وجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أي لا تقتلوها قتلا ما إلا قتلا ملتبسا بالحق والأول أظهر وأما تعلقه بحرم فبعيد وإن صح وفسر الحق مما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود لا يحل دم امريء يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة ونقض الحصر بدفع الصائل فإن ذلك ربما أدى إلى القتل ودفع بأن المراد ما يكون بنفسه مقصودا به القتل وما ذكر المقصود به الدفع وقد يفضي إليه في الجملة والحق عدم انحصار الحق فيما ذكر وهو في الخبر ليس بحقيقي وقد ذهب الشافعية إلى أن ترك الصلاة كسلا مبيح للقتل وكذا اللواطة عند جمع من الأجلة .
ومن قتل مظلوما بغير حق يوجب قتله أو يبيحه للقاتل حتى أنه لا يعتبر إباحته لغير القاتل فقد نص علماؤنا أن من عليه القصاص إذا قتله غير من له القصاص له ولا يقيده قول الولي أنا أمرته بذلك إلا أن يكون الأمر ظاهرا فقد جعلنا لوليه لمن يلي أمره من الوارث أو السلطان عند عدم الوارث واقتصار البعض على الأول رعاية للأغلب سلطانا أي تسلطا واستيلاء على القاتل بمؤاخذته بأحد أمرين القصاص أو الدية وقد تتعين الدية كما في القتل الخطأ والمقتول خطأ مقتول ظلما بالمعنى الذي أشير إليه وإن قلنا لا إثم في الخطأ لحديث رفع عن أمتي الخطأ وشرع الكفارة فيه لعدم التثبت واجتناب ما يؤدي إليه فليتأمل .
واستدل بتفسير الولي بالوارث على أن للمرأة دخلا في القصاص .
وقال القاضي إسماعيل : لا تدخل لأن لفظه مذكر فلا يسرف أي الولي في القتل أي فلا يتجاوز الحد المشروع فيه بأن يقتل اثنين مثلا والقاتل واحد كعادة الجاهلية فإنهم كانوا إذا قتل منهم واحد قتلوا قاتله وقتلوا معه غيره ومن هنا قال مهلهل : كل قتيل في كليب غره حتى ينال القتل آل مره وإلى هذا ذهب ابن جبير وأخرجه المنذر من طريق أبي صالح عن ابن عباس أو بأن يقتل غير القاتل ويترك القاتل وروي هذا عن زيد بن أسلم فقد أخرج البيهقي في سننه عنه أن الناس في الجاهلية إذا قتل من ليس شريفا شريفا لم يقتلوه به وقتلوا شريفا من قومه فنهى عن ذلك أو بأن يزيد على القتل المثلة كما قيل .
وأخرج ابن جرير وغيره عن طلق بن حبيب أنه قال : لا يقتل غير قاتله ولا يمثل به وقيل بأن يقتل القاتل