المراد بالقول الميسور الوعد بالعطاء فيكون مفاد الآية لا تعدوا إلا إذا كنتم على رجاء من حصول ما تعدون به فالتقييد بالابتغاء في غاية المناسبة للشرط لأنه لا يحسن الوعد عند عدم الرجاء لما أنه يؤدي إلى الاخلاف وهو كما ترى .
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذر زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد والتوسط بين الافراط والتفريط وذلك هو الجود الممدوح فخير الأمور أوساطها وأخرج أحمد وغيره عن ابن عباس قال قال رسول الله ما عال من اقتصد وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال قال رسول الله الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة وفي رواية عن أنس مرفوعا التدبير نصف المعيشة والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين وكان يقال حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإسراف فتقعد ملوما أي فتصير ملوما عند الله تعالى وعند الناس محسورا 92 نادما مغموما أو منقطعا بك لا شيء عندك من حسره السفر أعياه أوقفه حتى انقطع عن رفقته قال الراغب : يقال للمعيي حاسر ومحسور أما الحاسر فتصور أنه قد حسر بنفسه قواه وأما المحسور فتصور أن التعب قد حسره وهذا بيان قبح الإسراف المفهوم من النهي الأخير وبين في أثره لأن غائلة الإسراف في آخره وحيث كان قبح الشح المفهوم من النهي الأول مقارنا له معلوما من أول الأمر روعي ذلك في التصوير بأقبح الصور ولم يسلك فيه مسلك ما بعده كذا قيل وفي أثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم ما يقتضيه وقال بعض المحققين : الأولى أن يكون ذلك بيانا لقبح الأمرين ويعتبر التوزيع فتقعد منصوب في جواب النهيين والملوم راجع إلى قوله تعالى : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك كما قيا :