الصفة وبالصفة إلى الذات فطوبى لمن استرشد بالقرآن فإنه يدله على الله تعالى وقد أحسن من قال : إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا بنورك هاديا ويبشر أهله الذين يتبعونه أن لهم أجر المشاهدة وكشفها بلا حجاب ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا فيه إشارة إلى أدب من آداب الدعاء وهو عدم الاستعجال فينبغي للسالك أن يصبر حتى يعرف ما يليق بحاله فيدعو به وقال سهل : أسلم الدعوات الذكر وترك الاختيار لأن في الذكر الكفاية وربما يسأل الإنسان ما فيه هلاكه ولا يشعر وفي الأثر يقول الله تعالى شأنه من شغله ذكري عن مسألته أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وجعلنا الليل أي ليل السكون وظلمة البدن والنهار أي نهار الإبداع والروح آيتين يتوصل بهما إلى معرفة الذات والصفات فمحونا ءاية الليل بالفساد والفناء وجعلنا ءاية النهار مبصرة منيرة باقية بكمالها تبصر بنورها الحقائق لتبتغوا فضلا من ربكم وهو كمالكم الذي تستعدونه ولتعلموا عدد السنين والحساب أي لتحصوا عدد المراتب والمقامات من بدايتكم إلى نهايتكم بالترقي فيها وحساب أعمالكم وأخلاقكم وأحوالكم فتبدلوا السيء من ذلك بالحسن وكل شيء من العلوم والحكمة فصلناه بنور عقولكم الفرقانية الحاصلة لكم عند الكمال تفصيلا لا إجمال فيه كما في مرتبة العقل القرآني الحاصل عند البداية وكل إنسان ألرمناه طائره في عنقه الآية تقدم ما يصلح أن يكون من باب الإشارة فيها وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا للصوفية في هذا الرسول كغيرهم قولان فمنهم من قال إنه رسول العقل ومنهم من قال رسول الشرع وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها الآية إشارة إلى أنه سبحانه إذا أراد أن يخرب قلب المريد سلط عليه عساكر هوى نفسه وجنوده وشياطينه فيخرب بسنابك خيول الشهوات وآفات الطبعيات نعوذ بالله تعالى من ذلك من كان يريد العاجلة لكدورة استعداده وغلبة هواه وطبيعته عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما عن ذوي العقول مدحورا في سخط الله تعالى وقهره ومن أراد الآخرة لصفاء استعداده وسلامة فطرته وسعى لها سعيها اللائق بها وهو السعي على سبيل الاستقامة وما ترتضيه الشريعة وقال بعضهم : السعي إلى الدنيا بالأبدان والسعي إلى الآخرة بالقلوب والسعي إلى الله تعالى بالهمم وهو مؤمن ثابت الإيمان لا تزعزعه عواصف الشبه فأولئك كان سعيهم مشكورا مقبولا مثابا عليه وعن أبي حفص أن السعي المشكور ما لم يكم مشوبا برياء ولا بسمعة ولا برؤية نفس ولا بطلب عوض بل يكون خالصا لوجهه تعالى لا يشاركه في ذلك شيء فلا تغفل كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك لا تأثير لارادتهم وسعيهم في ذلك وإنما هي معرفات وعلامات لما قدرنا لهم من العطاء ورأيت في الفتوحات المكية أن هذه الآية نحو قوله تعالى فألهمها فجورها وتقواها وهو نحو ما تقدم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقد سمعت ما فيه وما كان عطاء ربك محظورا عن أحد مطيعا كان أو عاصيا لأن شأنه تعالى شأنه الإفاضة حسبما تقتضيه الحكمة انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض في الدنيا بمقتضى المشيئة والحكمة وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا فهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر رزقنا الله تعالى وإياكم ذلك إنه سبحانه الجواد المالك لا تجعل مع الله إلها آخر الخطاب للرسول والمراد به أمته على حد إياك أعني فاسمعي يا جاره أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب على حد ولو ترى إذ وقفوا فتقعد بالنصب على النهي والقعود قيل بمعنى المكث كما تقول هو قاعد في أسوأ حال أي ماكث ومقيم سواء كان