بمجرد تكرير أمثاله من غير أن يتحصل شيء كذلك ولهذا وكون السنين بما لم يعتبر فيها حد معين له اسم خاص وحكم مستقل أضيف أضيف إليها العدد وعلق الحساب بما عداها فتدبر .
وكل شيء يفتقرون إليه في معاشكم ومعادكم سوى ما ذكر من جعل الليل والنهار آيتين وما يتبعه من المنافع الدينية والدنيوية وهو منصوب بفعل يفسره قوله تعالى فصلناه تفصيلا 21 وهذا من باب الاشتغال ورجع النصب لتقدم جملة فعلية وجوز أن يكون معطوفا على الحساب وجملة فصلناه صفة شيء وهو بعيد معنى .
والتفصيل من الفصل بمعنى القطع والمراد به الإبانة التامة وجيء بالمصدر للتأكيد فالمعنى بينا كل شيء في القرآن الكريم بيانا بليغا لا التباس معه كقوله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فظهر كونه هاديا للتي هي أقوم ظهورا بينا .
وكل إنسان منصوب على حد كل شيء أي وألزمنا كل إنسان مكلف ألزمناه طائره أي عمله الصادر منه باختياره حسبما قدر له خير أكان أو شرا كأنه طار إليه من عش الغيب ووكر القدر وفي الكشاف أنهم كانوا يتفاءلون بالطير ويسمونه زجرا فإذا سافروا ومر بهم طير زجروه فإن مر بهم سانحا بأن مر من جهة اليسار إلى اليمين تيمنوا وإن بارحا بأن مر من جهة اليمين إلى الشمال تشاءموا ولذا سمي تطيرا فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير استعارة تصريحية لما يشبههما من قدر الله تعالى وعمل العبد لأنه سبب للخير والشر .
ومنه طائر الله تعالى لا طائرك أي قدر الله جل شأنه الغالب الذي ينسب إليه الخير والشر لا طائرك الذي تتشاءم به وتتيمن وقد كثر فعلهم ذلك حتى فعلوه بالظباء أيضا وسائر حيوانات الفلا وسموا كل ذلك تطيرا كما في البحر وتفسيره بالعمل هنا مروي عن ابن عباس ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد وذهب إليه غير واحد وفسره بعضهم بما وقع للعبد في القسمة الأزلية الواقعة حسب استحقاقه في العلم الأزلي من قولهم : طار إليه سهم كذا ومن ذلك فطار لنا من القادمين عثمان بن مظعون أي ألزمنا كل إنسان نصيبه وسهمه الذي قسمناه في الأزل في عنقه تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط وعلى ذلك جاء قوله : إن لي حاجة إليك فقال : بين أذني وعاتقي ما تريد وتخصيص العنق لظهور ما عليه وينسب إليه التقدم والشرف ويعبر به عن الجملة وسيد القوم فالمعنى ألزمناه غله بحيث لا يفارقه أبدا بل يلزمه لزوم القلادة والغل لا ينفك عنه بحال .
واخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد سمعت رسول الله يقول : إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوما وأربعين ليلة فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخلته حتى أنها لتدخل بين الظفر واللحم فإذا مضى أربعون ليلة وأربعون يوما أهبطها الله تعالى إلى الرحم فكانت علقة أربعين يوما وأربعين ليلة ثم تكون مضغة أربعين يوما وأربعين ليلة فإذا تمت لها أربعة أشهر بعث الله تعالى إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها وبشرها ثم يقول سبحانه صور فيقول : يا رب أصور أزائد أم ناقص أذكر أم أنثى أجميل أم ذميم أجعد أم سبط أقصير أم طويل أأبيض أم آدم أسوي أم غير سوي