قالت : فلهوت مع امرأة فخرج ولم أشعر فدخل النبي فسأل عنه فقلت : والله لا أدري وغفلت عنه فخرج فقال : قطع الله يدك ثم خرج إلى الصلاة والسلام فصاح في طلبه حتى وجدوه ثم دخل علي فرآني وأنا أقلب يدي فقال : مالك قلت أنتظر دعوتك فرفع يديه وقال : اللهم أنا بشر آسف وأغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوتك عليه بدعوة فاجعلها له زكاة وطهرا أو يدعو بما هو شر ويحسبه خيرا وكان الإنسان عجولا غير مستبصر لا يتدبر في أموره حق التدبر ليتحقق ما هو خير حقيق بالدعاء به وهو شر جدير بالاستعاذة منه ا ه مع بعض زيادة وتغيير .
واختارإرادة الكافر من الإنسان الأول بعض المحققين وذكر في وجه ربط الآيات أنه تعالى لما شرح ما خص به نبيه من الإسراء وإيتاء موسى عليه السلام التوراة وما فعله بالعصاة المتمردين من تسليط البلاء عليهم كان ذلك تنبيها على أن طاعة الله تعالى توجب كل خير وكرامة ومعصيته سبحانه توجب كل بلية وغرامة لا جرم قال : إن هذا القرآن يهدي الخ ثم عطف عليه وجعلنا الليل الخ بجامع دليل العقل والسمع أو نعمتي الدين والدنيا وأما اتصال قوله تعالى ويدع الإنسان الخ فهو أنه سبحانه لما وصف القرآن حتى بلغ به الدرجة القصو في الهداية أتى بذكر من أفرط في كفران هذه النعمة العظمى قائلا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الخ .
ومثل هذا ما قيل إنه تعالى بعد إن وصف القرآن بما وصف ذم قريشا بعدم سؤالهم الهداية به وطلبهم إنزال الحجارة عليهم أو إيتاء العذاب الأليم إن كان حقا وفي الكشف أن قوله تعالى ويدع الإنسان الخ بيان أن القرآن يهديهم للتي هي أقوم ويأبون إلا التي هي ألوم وهو وجه للربط مطلقا وكل ما ذكروه في ذلك متقارب .
ويرد على حمل الدعاء على الدعاء بالأعمال والعجولية على اللج والتمادي في استيجاب العذاب بتلك الأعمال خلاف المتبادر كما لا يخفى وفسر بعضهم الإنسان الثاني بآدم عليه السلام لما أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن سلمان الفارسي قال : أول ما خلق الله تعالى من آدم عليه السلام رأسه فجعل ينظر وهو يخلق وبقيت رجلاه فلما كان بعد العصر قال : يا رب أعجل قبل الليل فذلك قوله تعالى وكان الإنسان عجولا وروي نحوه عن مجاهد وروى القرطبي والعهدة عليه أنه لما وصلت الروح لعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهاها فوثب عجلا إليها فسقط و وجه ارتباط وكان الإنسان الخ على هذا القول أفادته أن عجلته بالدعاء لضجره أو لعدم تأمله من شأنه وأنه موروث له من أصله وشنشنة يعرفها من أخزم فهو اعتراض تذييلي وكلام تعليلي والأولى إرادة الجنس وإن كان ألفاظ الآية لا تنبو عن إرادة آدم عليه السلام كما زعم أبو حيان ثم أن الباء في الموضعين على ظاهرها صلة الدعاء وقيل : إنها بمعنى في والمعنى يدعو في حالة الشر والضر كما كان يدعو في حالة الخير فالمدعو به ليس الشر والخير وقيل : إنها للسببية أي يدعو بسبب ذلك وكلا القولين مخالفين للظاهر لا يعول عليهما واستدل بالآية على بعض الاحتمالات على المنع من دعاء الرجل على نفسه أو على ماله أو على أهله وقد جاء النهي عن ذلك صريحا في بعض الأخبار فقد أخرج أبو داود والبزار عن جابر قال : قال رسول الله لا تدعوا على أنفسكم لا تدعوا على أولادكم لاتدعوا على أموالكم لئلا توافقوا من الله تعالى ساعة فيها إجابة