تعالىتعالى في غير محله فليتأمل والتوكيد التوثيق ومنه أكيد بقلب الواو همزة على ما هذب إليه الزجاج وغيره من النحاة وذهب آخرون إلى أن وكد وأكد لغتان أصليتان لأن الاستعمالين في المادة متساويان فلا يحسن القول بأن الواو بدل من الهمزة كما في الدر المصون وهو الذي اختاره أبو حيان .
وقد جعلتم الله عليكم كفيلا أي شاهدا رقيبا فإن الكفيل مراع لحال المكفول به رقيب عليه واستعمال الكفيل في ذلك إما من باب الإستعارة أو المجاز المرسل والعلاقة اللزوم .
والظاهر أن جعلهم مجاز أيضا لأنهم لما فعلوا ذلك والله تعالى مطلع عليهم فكأنهم جعلوه سبحانه شاهدا قاله الخفاجي ثم قال : ولو أبقى الكفيل على ظاهره وجعل تمثيلا لعدم تخلصهم من عقوبته وأنه يسلمهم لها كما يسلم الكفيل من كفله كما يقال : من ظلم فقد أقام كفيلا بظلمه تنبيها على أنه لا يمكنه التخلص من العقوبة كما ذكره الراغب لكان معنى بليغا جدا فتدبر والظاهر أن الجملة في موضع الحال من فاعل تنقضوا وجوز أن تكون حالا من فاعل المصدر وإن كان محذوفا وقوله سبحانه : إن الله يعلم ما تفعلون .
91 .
- أي من النقض فيجازيكم على ذلك في موضع التعليل للنهي السابق وقال الخفاجي : إنه كالتفسير لما قبله ولا تكونوا فيما تصنعون من النقض كالتي نقضت غزلها مصدر بمعنى المفعول أي مغزولها والفعل منه غزل يغزل بكسر الزاي والنقص ضد الإبراء وهو في الجرم فك أجزائه بعضها من بعض وقوله تعالى من بعد قوة متعلق بنقضت على أنه طرف له لا حال و من زائدة مفطرة في مثله أي كالمرأة التي نقضت غزلها من بعد إبرامه وإحكامه .
أنكاثا جمع نكث بكسر النون وهو ما ينكث فتله وانتصابه قيل على أنه حال مؤكدة من غزلها وقيل : على أنه مفعول ثان لنقض لتضمنه معنى جعل وجوز الزجاج كون النصب على المصدرية لأن نقضت بمعنى نكثت فهو ملاق لعامله في المعنى .
وقال في الكشف : إن جعله مفعولا على التضمين أولى من جعله حالا أو مصدرا وفي الإتيان به مجموعا مبالغة وكذلك في حذف الموصوفة ليدل على الخرقاء الحمقاء وما أشبه ذلك وفي الكشاف ما يشير إلى اعتبار التضمين حيث قال : أي لا تكونوا كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته فجعلته أنكاثا وفي قوله بأنحت على ما قال القطب إشارة إلى أن نقضت مجاز عن أريادت النقض على حد قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة وذكر أنه فسر بذلك جمعا بين القصد والفعل ليدل على حماقتها واستخقاقها اللوم بذلك فإن نقضها لو كان من غير قصد لم تستحق ذلك ولأن التشبيه كلما كان أكثر تفصيلا كان أحسن ولا يخفى ما في اعتبار التضمين وهذا المجاز من التكلف وكأنه لهذا قيل : إن اعتبار القصد لأن المتبارد من الفعل الإختياري وفي الكشف خرج ذلك المعنى من قوله تعالى : من بعد قوة فإن نقض المبرم لا يكون إلا بعد إنحاء بالغ وقصد تام ولم يرد بالوصول إمرأة بعينها بل المراد من هذه صفته ففي الآية تشبيه حال الناقض بحال الناض في أخس أحواله تحذيرا منه وإن ذلك ليس من فعل العقلاء وصاحبه داخل في عداد حمقى النساء وقيل : المراد امرأة معلومة عند المخاطبين كانت تغزل فإذا برمت غزلها تنقضه وكانت تسمى خرقاء مكة قال ابن الأنباري : كان اسمها ربطة بنت عمرو والمرية تلقب الحفراء وقال الكلبي ومقاتل : هي امرأة من قريش اسمها ربطة بنت سعد التيمي اتخذت