له فضلا عن تشارك الجميع في تحقق هذا الوصف بالنسبة إليهم بأن يفهموا حال كل شيء منه على أتم وجه ونظير ذلك الشمس فإنها منيرة في حد ذاتها وإن لم يكن هناك مستنير أو ناظر ويغني عن هذا الإعتبار اعتبار أن المبالغة بحسب الكمية إلا الكيفية ويؤيد القول بالظاهر أن الشيخ الأكبر قدس سره وغيره قد استخرجوا منه ما لا يحصى من الحوادث الكونية وقد رأيت جدولا حرفيا منسوبا إلى الشيخ كتب عليه أنه يعرف منه حوادث أهل المحشر وآخر كتب عليه أنه يعرف منه حوادث أهل الجنة وآخر كتب عليه أنه يعرف منه حوادث أهل النار وكل ذلك على ما يزعمون مستخرج من الكتاب الكريم ومثل هذا الجفر الجامع المنسوب إلى أمير المؤمنين علي كرك الله تعالى وجهه فإنهم قالوا : إنه جامع لما شاء الله تعالى من الحوادث الكونية وهو أيضا مستخرج من القرآن العظيم .
وقد نقل الجلال السيوطي عن المرسى أنه قال : جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به صم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خلاما استأثر به سبحانه ثم وردت عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة ومثل ابن عباس وابن مسعود حتى قال الأول : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى ثم ورث عنهم التابعون لهم بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه وقيل : لا يخلو الزمان من عارف بجميع ذلك وهو الوارث المحمدي ويسمى الغوث وقطب الأقطاب والمظهر الأتم ومظهر الاسم الأعظم إلى غير ذلك ويرد على هؤلاء القائلين حديث التأثير وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : أنتم أعلم بأمور دنياكم وأجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلّم قبل نزول ما يعلم منه E حال التأبير ويحتمل أن يكون بعد النزول وقال ذلك A قبل الرجوع إليه والنظر فيه ولو رجع ونظر لعلم فوق ما علموا فأعلميتهم بأمور دنياهم إنما جاءت لكون علمهم بذلك لا يحتاج إلى الرجوع والنظر وعلمه E يحتاج إلى ذلك وهذا كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم لو استقبلت ما استدبرت لما سقت الهدى مع أن سوق الهدى من الأمور الدينية وقد قالوا : إن القرآن العظيم تبيان لها وهذا يرد عليهم لولا هذا الجواب فتأمل فالبحث بعد غير خال عن القيل والقال وقال بعضهم : إن الأمور إما دينية أو دنيوية والدنيوية لا اهتمام للشارع بها إذ لم يبعث لها والدينية إما أصلية أو فرعية والإهتمام بالفرعية دون الإهتمام بالأصلية فإن المطلوب أولا بالذات من بعثة الأنبياء عليهم السلام وهو التوحيد وما أشبهه بل المطلوب من خلق العباد هو معرفته تعالى كما يشهد له سبحانه : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون بناء على تفسير كثير العبادة بالمعرفة وقوله تعالى في الحديث القدسي المشهور على الألسنة المصحح من طريق الصوفية : كنت منزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف والقرآن العظيم قد تكفل ببيان الأمور الدينية الأصلية على أتم وجه فليكن المراد من كل شيء ذلك ولا يحتاج هذا إلى توجيه كونه تبيانا إلى ما احتاج إليه حمل كل شيء على أمور الدين مطلقا من قولنا : إنه باعتبار أن فيه نصا على البعض وإحالة للبعض الآخر على السنة الخ واختار بعض المتأخرين أن كل شيء على ظاهره إلا أن المراد بالتبيان التبيان على سبيل الإجمال وما من شيء إلا بين في الكتاب حاله إجمالا ويكفي في ذلك بيان بعض أحواله والمبالغة باعتبار الكمية لا الكيفية على ما علمت سابقا ولو حمل التبيان على