أينما يوجهه لا يأت بخير أي حيثما يرسله مولاه لا يأت بنجح وكفاية مهم بيان لعدم قدرته على مصالح مولاه وقرأ عبد الله في رواية توجهه على الخطاب وقرأ علقمة وابن وئاب ومجاهد وطلحة وهي رواية أخرى عن عبد الله يوجه بالبناء للفاعل والجزم وخرج على أن الفاعل يعود على المولى والمفعول محذوف وهو ضمير الأبكم أي يوجهه ويجوز أن يكون ضمير الفاعل عائدا على الأبكم ويكون الفعل لازم وجه بمعنى توجه وعلى ذلك جاء قول الأضبط بن قريع السعدي : .
أينما أوجه ألق سعدا .
وعن علقمة وطلحة وابن وثاب أيضا توجه بالجزم والبناء للمفعول وفي رواية أخرى عن علقمة وطلحة أنهما قرءا يوجه بكسر الجيم وضم الهاء قال صحاب اللوامح : فإن صح ذلك فالهاء التي هي لام الفعل محذوفة فرارا من التضعيف أو لم يرد بأينما الشرط والمراد أينما هو يوجه وقد حذف منه ضمير المفعول به فيكون حذف الياء من آخر يأت للتخفيف وتعقبه أبو حيان بأن أين لا تخرج عن الشرط أو الإستفهام ونقل عن أبي حاتم أن هذه القراءة ضعيفة لأن الجزم لازم ثم قال : والذي توجه به هذه القراءة أن أينما شرط حملت على إذا بجامع ما اشتركا فيه من الشرط ثم حذفت ياء يأت تخفيفا أو جزم على توهم أنه جيء بأينما جازمة كقراءة من قرأ إنه من يتقي ويصير في أحد الوجهين ويكون معنى يتوجه كما مر آنفا هل يستوي هو أي ذلك الأبكم الموصوف بتلك الصفات المذكورة ومن يأمر بالعدل ومن مو منطيق فهم ذو رأي ورشد يكفي الناس في مهماتهم وينفعهم بحثهم على العدل الجامع لمجامع الفضائل وهو في نفسه مع ما ذكر من نفعه الخاص والعام على سراط مستقيم .
76 .
- لا يتوجه إلى مطلب إلا ويبلغه بأقرب سعي فالجملة حالية مبينة لكماله في نفسه ولما كان ذلك مقدما على تكميل الغير أتى بها إسمية فإنها تشعر بذلك مع الثبوت إلى مقارنة ذي الحال فلا يقال الأنسب تقديمها في النظم الكريم ومقابلة تلك الصفات الأربع بهذين الوصفين لأنهما كمال ما يقابلهما ونهايته فاختير آخر صفات الكامل المستدعية لما ذكر وأزيد حيث جعل هاديا مهديا وتغير الأسلوب حيث لم يقل : والآخر يأمر بالعدل الآية لمراعاة الملاءمة بينه وبين ما هو المقصود من بيان التباين بين الفريقين ويقال هنا كما قيل في المثل السابق : إنه حيث لم يستو الفريقان في الفضل والشرف مع استوائهما في الماهية والصورة فلأن يحكم بأن الصنم الذي لا ينطق ولا يسمع وهو عاجز لا يقدر على شيء كل كل على عابده يحتاج إلى أن يحمله ويضعه ويمسح عنه الأذى إذا وقع عليه ويخدمه وإن وجهه إلى مهم من مهماته لا ينفعه ولا يأت له به لا يساوي رب العالمين وهو هو في استحقاق المعبودية أحرى وأولى وقيل : هذا تمثيل للمؤمن والكافر فالأبكم هو الكافر ومن يأمر بالعدل هو المؤمن وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإياما كان فليس المراد برجلين رجلان معينان بل رجلان متصفان بما ذكر من الصفات مطلقا وما روي من أن الأبكم أبو جهل والآمر بالعدل عمار أو الأبكم أبي ابن خلف والآمر عثمان بن مظعون فقال أبو حيان : لا يصح إسناده وما أخرج ابن جرير وابن عساكر وغيرهما عن ابن عباس أنه قال : نزلت هذه الآية وضرب الله مثلا رجلين الخ في عثمان بن عفان ومولى له كافر وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام وكان عثمان ينفق عليه ويكلفه ويكفيه المؤنة وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما فبعد تحقق