الشهوة فيهم وفيهن ثم جمع بين الكل وأزال الحائل والمانع وبقي ينظر ما يحدث بينهم من الوقاع وغيره عد من أسفه السفهاء وعد صنيعه أقبح كل صنيع مع أن ذلك لا يقبح منه تعالى بل قد صنعه جل جلاله فعلم أن التعويل على مثل هذه الوجوه المبنية على العرف إنما يحسن إذا كانت مسبوقة بالدلائل القطعية وقد ثبت بها امتناع الولد عليه سبحانه فلا جرم حسنت تقويتها لهذه الوجوه الإقناعية وأما أفعال العباد فقد ثبت بالدلائل القاطعة أن خالقها هو الله تعالى فكيف يمكن إلحاق أحد البابين بالآخر لو لا سوء التعصب للذين لا يؤمنون بالآخرة ممن ذكرت فبائحهم مثل السوء صفة السوء التي هي كالمثل في القبح وهي الحاجة إلى الولد ليقوم مقامهم بعد موتهم ويبقى به ذكرهم وإيثار الذكور للإستظهار ووأد البنات لدفع العار أو خشية الإملاق على حسب اختلاف أغراض الوائدين المنادي كل واحد من ذلك بالعجز والقصور والشح البالغ وعن ابن عباس مثل السوء النار وأظنه لا يصح عنه رضي الله تعالى عنه ومنع ابن عطية حمل المثل على الصفة وقال : إنه لا يضطر إليه لأنه خروج عن اللفظ بل هو على بابه وذلك أنهم إذا قالوا : إن البنات لله سبحانه فقد جعلوا لله D مثلا فإن البنات من البشر وكثرة البنات أمر مكروه عندهم ذميم فهو المثل السوء الذي أخبر الله تعالى بأنه لهم وليس في البنات فقط بل لما جعلوا له تعالى البنات جعله هو سبحانه لهم على الإطلاق في كل سوء ولا غاية أبعد من عذاب النار أه وهو أشبه شيء عندي بالرطانة كما لا يخفى ووضع الموصول موضع الضمير للإشعار بأن مدار اتصافهم بتلك القبائح هو الكفر بالآخرة ولله المثل الأعلى أي الصفة العجيبة الشأن التي هي مثل في العلو مطلقا وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والجود الواسع والنزاهة عن صفات المخلوقين ويدخل فيه علوه تعالى عما يقول علوا كبيرا .
وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة أن المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله وهو رواية عن ابن عباس والذي أخرجه عنه البيهقي في الأسماء والصفات وغيره هو ليس كمثله شيء وهو العزيز المنفرد بكمال القدرة على كل شيء ومن ذلك مؤاخذتهم بقبائحهم وقيل : هو الذي لا يوجد له نظير الحكيم .
60 .
- الذي يفعل كل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة .
ولو يؤاخذ الله الناس الظالمين مطلقا وقيل : بالكفر والمؤاخذة مفاعلة من فاعل بمعنى فعل وهو الظاهر وقال ابن عطية : هي مجاز كأن العبد يأخذ حق الله تعالى بمعصيته والله تعالى يأخذ منه بمعاقبته وكذا الحال في مؤاخذة الخلق بعضهم بعضا يظلمهم أي بسبب كفرهم ومعاصيهم بناء على أن الظلم فعل ما لا ينبغي ووضعه في غير موضعه وقد يخص بالكفر والتعدي على الغير ويدخل فيه ما عد من القبائح وهذا تصريح بما أفاده قوله تعالى : هو العزيز الحكيم وإيذان بأن ما أتاه هؤلاء الكفرة من القبائح قد تناهى إلى أمد لا غاية وراءه ما ترك عليها أي على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله تعالى : من دابة بناء على شهرة كون الدبيب في الأرض أي ما ترك عليها شيئا من الدواب أصلا بل أهلكها بالمرة أما الظالم فبظلمه وأما غيره فبشؤم ذلك فقد قال سبحانه : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأخرج البيهقي في الشعب وغيره عن أبي هريرة أنه سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال : بلى والله إن الحباري لتموت هزلا