وحده الحقيق بأن يرهب وتفسير واصبا بما ذكر مروي عن ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد والضحاك وجماعة وأنشدوا لأبي الأسود الدؤلي لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهمر أجمع واصبا وقال ابن الأنباري : هو من الوصب بمعنى التعب أو شدته وفاعل للنسب كما في قوله : .
وأضحى فؤادي به فاتنا .
أي ذا وصب وكلفة ومن هنا سمي الدين تكليفا وقال الربيع بن أنس : واصبا خالصا ونقل ذلك أيضا عن الفراء وقيل : الدين الملك والواصب الدائم ويبعد ذلك قول أمية بن الصلت : وله الدين واصبا وله الملك وحمد له على كل حال وقيل : الدين الجزاء والواصب كما في سابقه أي له تعالى الجزاء دائما لا ينقطع ثوابه للمطيع وعقابه للعاصي وأيا ما كان فنصب واصبا على أنه حال من ضمير الدين المستكن في الظرف والظرف عامل فبه أوحال من الدين والظرف هو العامل على رأي من يرى جواز اختلاف العامل في الحال والعامل في صاحبها واستدل بالآية على أن أفعال العباد مخلوقة له تعالى أفغير الله تتقون .
52 .
- الهمزة للإنكار والفاء للتعقيب أي أبعد ما تقرر من تخصيص جميع الموجودات للسجود به تعالى وكون ذلك كامله سبحانه ونهيه عن اتخاذ الإلهين وكون الدين له واصبا المستدعي ذلك لتخصيص التقوى به تعالى تتقون غيره والمنكر تقوى غير الله تعالى لا مطلق التقوى ولذا قدم الغير وأولى الهمزة لا للإختصاص حتى يرد أن إنكار تخصيص التقوى بغيره سبحانه لا ينافي جوازها وقيل : يصح أن يعتبر الإختصاص بالإنكار فيكون التقديم لاختصاص الإنكار لا لإنكار الإختصاص وفي البحر أن هذا الإستفهام يتضمن التوبيخ والتعجب أي بعد ما عرفتم من وحدانيته سبحانه وأن ما سواه له ومحتاج إليه كيف تتقون وتخافون غيره وما بكم من نعمة فمن الله أي أي شيء يلابسكم ويصاحبكم من نعمة أي نعمة كانت فهي منه تعالى فما موصوله مبتدأ متضمنة معنى الشرط و من الله خبرها والفاء زائدة في الخبر لذلك التضمن و من نعمة بيان للموصول و بكم صلته وأجاز الفراء وتبعه الحوفي أن تكون ما شرطية وفعل الشرط محذوف أي وما يكن بكم من نعمة الخ واعترضه أبو حيان بأنه لا يحذف فما الشرط إلا بعد إن خاصة في موضعين باب الإشتغال نحو وإن أحد من المشركين استجارك فأجره وأن تكون إن الشرطية متلوة بلا النافية وقد دل على الشرط ما قبله كقوله : فطلقها فلست لها بكفء وألا يعل مفرقك الحسام وحذفه في غير ما ذكر ضرورة كقوله : قالت بنات العم ياسلمى وإن كان فقيرا معدما قالت وإن وقوله : .
أينما الريح تميلها تميل .
وأجيب بأن الفراء لا يسلم هذا فما أجازه مبني على مذهبه واستشكل أمر الشرطية على الوجهين من حيث أن الشرط لا بد أن يكون سببا للجزاء كما تقول : إن تسلم تدخل الجنة فإن الإسلام سبب لدخول الجنة وهنا على العكس فإن الأول وهو استقرار النعمة بالمخاطبين لا يستقيم أن يكون سببا للثاني وهو كونها من الله من جهة كونه فرعا عنه وأجاب في إيضاح المفصل بأن الآية جيء بها لإخبار قوم استقرت بهم نعم جهلوا معطيها أو شكوا فيه أو فهلوا ما يؤدي إلى أن يكونوا شاكين فاستقرارها