وجوز أن يراد من الثاني النحت والتصوير بناء على أن المراد من الذين يدعونهم الأصنام والتعبير عنهم بما يعبر عنه عن العقلاء لمعاملتهم إياهم معاملتهم والتعبير عن ذلك بالخلق لرعاية المشاكلة وفي ذلك من الإيماء بمزيد ركاكة عقول المشركين ما فيه حيث أشركوا بخالقهم مخلوقيهم وإرادة هذا المعنى من الأول أيضا ليست بشيء إذ القدرة على مثل ذلك الخلق ليست مما يدور عليه إستحقاق العباده أصلا وقرأ الجمهور بالتاء المثناة من فوق في تسرون وتعلنون وتدعون وهي قراءة مجاهد والأعرج وشيبة وأبي جعفر وهبيرة عن عاصم وفي المشهور عنه أنه قرأ بالياء آخر الحروف في الأخير وبالتاء في الأولين وقرئت الثلاثة بالياء في رواية عن أبي عمرو وحمزة وقرأ الأعمش والله يعلم اليذ تبدون وما تكتمون والذين تدعون الخ بالتاء من فوق في الأفعال الثلاث وقرأ طلحة ما تخفون وما تعلنون وتدعون بالتاء كذلك وحملت القراءتان على التفسير لمخالفتهما لسواد المصحف وقرأ محمد اليماني يدعون بضم الياء وفتح العين مبنيا للمفعول أي يدعونهم الكفار ويعبدونهم أموات خبر ثان للموصول أو خبر مبتدأ محذوف أي هم أموات وصرح بذلك لما أن إثبات المخلوقية لهم غير مستدع لنفي الحياة عنهم لما أن بعض المخلوقين أحياء والمراد بالموت على أن يكون المراد من المخبر عنه الأصنام عدم الحياة بلا زيادة عما من شأنه أن يكون حيا .
وقوله سبحانه : غير أحياء خبر بعد خبر أيضا أو صفة أموات وفائدة ذكره التأكيد عند بعض وأختير التأسيس وذلك أن بعض ما لا حياة فيه قد تعتريه الحياة كالنطفة فجيء به للإحتراز عن مثل هذا البعض فكأنه قيل : هم أموات حالا وغير قابلين للحياة آلا وجوز أن يكون المراد من المخبر عنه بما ذكر ما يتناول جميع معبوداتهم من ذوي العقول وغيرهم فيرتكب في أموات عموم المجاز ليشمل ما كان له حياة ثم مات كعزير أو سيموت كعيسى والملائكة عليهم الصلاة والسلام وما ليس من شأنه الحياة أصلا كالأصنام .
و غير أحياء على هذا إذا فسر بغير قابلين للحياة يكون من وصف الكل بصفة البعض ليكون تأسيسا في الجملة وإذا اعتبر التأكيد فالأمر ظاهر وجوز أن من أولئك المعبودين الملائكة عليهم الصلاة والسلام وكان أناس من المخاطبين يعبدونهم ومعنى كونهم أمواتا أنهم لا بد لهم من الموت وكونهم غير أحياء غير تامة حياتهم والحياة التامة هي الحياة الذاتية التي لا يرد عليها الموت وجوز في قراءة والذين يدعون بالياء آخر الحروف أن يكون الأموات هم الداعين وأخبر عنهم بذلك تشبيها لهم بالأموات لكونهم ضلالا غير مهتدين ولا يخفى ما فيه من البعد وما يشعرون أيان يبعثون .
21 .
- الضمير الأول للآلهة والثاني لعبدتها والشعور العلم أو مباديه وقال الراغب : يقال شعرت أي أصبت الشعر ومنه أستعير شعرت كذا أي علمت علما في الدقة كإصابة الشعر قيل : وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته ثم ذكر أن الشاعر الحواس وأن معنى لا تشعرون لا تدركون بالحواس وأن لو قيل في كثير مما جاء فيه لا تشعرون ولا تعقلون لم يجز إذ كثير مما لا يكون محسوسا يكون معقولا و أيان عبارة عن وقت الشيء ويقارب معنى متى وأصله عند بعضهم أي أو إن أي أي وقت فحذف الألف ثم جعل الواو ياء وأدغم هو كما ترى .
وقرأ أبو عبد الرحمن إيان بكسر الهمزة وهي لغة قومه سليم والظاهر أنه معمول ليبعثون والجملة في موضع نصب بيشعرون لأنه معلق عن العمل أي ما يشعر أولئك الآلهة متى يبعث عبدتهم وهذا من باب التهكم بهم