أبي يوسف أنه سأله إذا قلت : في شيء أكرهه فما رأيك فيه فقال : التحريم وكأنه لهذا قال صاحب الهداية الأصح أن كراهة أكل لحمها تحريمية عند الإمام وفي العمادية أنه رضي الله تعالى عنه رجع عن القول بالكراهة قبل موته بثلاثة أيام وعليه الفتوى وقال صاحباه والإمام الشافعي رضي الله تعالى عنهم : لا بأس بأكل لحوم الخيل وأجاب بعض الشافعية عن الإستدلال بالآية بمنع كون المذكور أدنى النعمتين بالنسبة إلى الخيل قال : وذلك لأن الآية وردت للإمتنان عليهم على نحو ما ألفوه ولا ينكر ذو أرب أن معظم الغرض من الخيل الركوب والزينة لا الأكل بخلاف النعم وذكر أغلب المنفعتين وترك أدناهما ليس بدعا بل هو دأب اختصارات القرآن وذكره في الأول أن لم يصر حجة لنا في الإكتفاء مع التنبيه على أنه نزر في المقابل فلا يصير حجة علينا فظهر أنه لا استدلال لا من عبارة الآية ولا من إشارتها .
واستدلوا على الحل بما صح من حديث جابر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية والبغال وأذن E في لحم الخيل يوم خيبر وفيه دليل عندهم على أن الآية لا تدل على التحريم لإفادته أن تحريم لحوم الحمر الأهلية إنما وقع عام خيبر كما هو الثابت عند أكثر المحدثين وهذه السورة مكية فلو علم التحريم مما فيها كان ثابتا قبله وبحث فيه بأن السورة وإن كانت مكية يجوز كون هذه الآية مدنية وفيه أن مثل ذلك يحتاج إلى الرواية ومجرد الجواز لا يكفي وعورض حديث جابر بما أخرجه أبو عبيد وأبو داود والنسائي وابن المنذر عن خالد بن الوليد قال : نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن لحوم الخيل والبغال والحميل والترجيح كما قال في الهداية للمحرم ولكن أنت تعلم أن هذا الخبر يوهي أمر الإستدلال بالآية لما أن خالدا قد أسلم بالمدينة والآية مكية فلو كان التحريم معلوما منها كان للنهي الذي سمعه كثير فائدة والجملة الإستدلال بالآية على حرمة لحوم الخيل لا يسلم من العثار فلا بد من الرجوع في ذلك إلا الأخبار والحكم عند تعارضها لا يخفى على ذوي الأستبصار والذي أميل إليه الحل والله تعالى أعلم ويخلق ما لا تعلمون .
8 .
- أي ويخلق غير ذلك الذي فصله سبحانه لكم والتعبير عنه بما ذكر لأن مجموعه غير معلوم ولا يكاد يكون معلوما فالكلام إجمالا لما عدا الحيوانات المحتاج غالبا احتياجا ضروريا أو غير ضروري والعدول إلى صيغة الإستقبال للدلالة على الإستمرار والتجدد أو لاستحضار الصورة ويجوز أن يكون إخبارا من تعالى بأن له سبحانه ما لا علم لنا به من الخلائق فما لا تعلمون على ظاهره فقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن مما خلق الله تعالى لأرضا لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام عليها جبل من ياقوتة حمراء محدق بها في تلك الأرض ملك قد ملأ شرقها وغربها له ستمائة رأس في كل رأس ستمائة وجه في كل وجه ستمائة ألف فم في كل فك ستمائة ألف لسان يثني الله تعالى ويقدسه ويهلله ويكبره بكل لسان ستمائة ألف وستين ألف مرة فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله تعالى فيقول : وعزتك ما عبدتك حق عبادتك فلذلك قوله تعالى : ويخلق ما لا تعلمون وفي رواية أخرى عنه أن يمين العرش نهرا من نور مثل السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع يدخل فيه جبريل عليه السلام كل سحر فيغتسل فيزداد جمالا إلى جماله وعظما إلى عظمه ثم ينتفض فيخلق الله تعالى من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألف ملك فيدخل منهم كل يوم سبعون