إذا أراد فتح باب الغيب ألقى في النفس آثار بواديه إما محبوبة فتتمنى وإما مكروهة فتنفر فتنفر فتفزع ولا يعرف ذلك إلا رباني الصفة وبعضها ما يحصل للقلب إما بالإلهام وإما بالكشف وبعضها ما يحصل للعقل وذلك ما يقع من أثقال الوحي الغيبي عليه وبعضها ما يحصل للروح بالواسطة وغير الواسطة وبعضها ما يحصل لعين السر وسمعه وبعضها ما يحصل في سر السر ظهور عرائس أقدار الغيبة ملتبسات بأشكال إلهية ربانية روحانية فيبصر تصرف الذات في الصفات ويسمع الصفات بوصف الحديث والخطاب من الذات بلا واسطة وهناك منتهى الكشف والفراسة وسئل الجنيد رضي الله تعالى عنه عن الفراسة فقال : آيات ربانية تظهر في أسرار العارفين فتنطق ألسنتهم بذلك فتصادف الحق ولهم في ذلك عبارات أخر .
فافصح الصفح الجميل روي عمرو بن دينار عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : الصفح الجميل صفح لا توبيخ فيه ولا حقد بعده مع الرجوع إلى ما كان قبل ملابسة المخالفة وقيل : الصفح الجميل مواساة المذنب برفع الخجل عنه ومداواة موضع آلام الدم في قلبه ولقد آتيناك سبعا من المثاني وهي الصفات السبعة أعني الحياء والعلم والقدرة والإرادة والبصر والسمع والكلام ومعنى كونها مثاني أنها ثني وكرر ثبوتها له صلى الله تعالى عليه وسلم فكانت له E أولا في مقام وجود القلب وتخلقه بأخلاقه واتصافه بأوصافه وثانيا في مقام البقاء بالوجود الحقاني وقيل : معنى كونها مثاني أنها ثواني الصفات القائمة بذاته سبحانه D ومواليدها وجاء لا زال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به الحديث والقرآن العظيم وهو عندهم : الذات الجامع لجميع الصفات لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم إلى آخره قال بعضهم في ذلك غار الحق سبحانه عليه E أن يستحسن من الكون شيئا ويعيره طرفه وأراد منه صلى الله تعالى عليه وسلم أن تكون أوقاته مصروفة إليه وحالاته موقوفة عليه وأنفاسه النفيسة حبيسة عنده وكان صلى الله تعالى عليه وسلم كما أراد منه سبحانه ولذلك وقع في المحل الأعلى ما زاغ البصر وما طغى فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين قد مر عن الكشف ما فيه مقنع لمن أراد الإشارة من المسترشدين هذا وأسأل الله سبحانه أن يحفظنا من سوء القضاء ويمن علينا بالتوفيق إلى ما يحب ويرضى بحرمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وآله وأصحابه رضي الله تعالى عنهم أجمعين ما جرى في تفسير كتاب الله تعالى قلم .
سورة النحل .
16 - .
وتسمى كما أخرج ابن أبي حاتم سورة النعم قال ابن الفرس : لما عدد الله تعالى فيها هن النعم على عباده وأطلق جمع القول بأنها مكية وأخرج ذلك ابن مردوية عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم وأخرج النحاس من طريق مجاهد عن الحبر أنها نزلت بمكة سوى ثلاث آيات من آخرها فإنهن نزلن بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أحد وفي رواية عنه أنه كلها مكية إلا قوله تعالى : ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا إلى قوله سبحانه : بأحسن ما كانوا يعملون وروي أمية الأزدي