إلى كيفية إتيانه على وجه أدمج فيه ما يزيح شبه المنكرين ويستنزلهم من العناد من بيان مشاركته لما لا ريب لهم في كونه وحيا صادقا فتأمل والله تعالى عنده علم الكتاب أه وهو كلام ظاهر عليه مخايل التحقيق .
وفي البحر بعد نقل أكثر هذه الأقوال وهذه أقوال وتوجيهات مكلفة والذي يظهر لي أنه تعالى لما أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بأن لا يحزن على من لم يؤمن وأمره E بخفض جناحه للمؤمنين أمره صلى الله تعالى عليه وسلم أن يعلم المؤمنين وغيرهم أنه النذير المبين لئلا يظن المؤمنون أنهم لما أمر صلى الله تعالى عليه وسلم بخفض جناحه لهم خرجوا من عهدة النذارة فأمر صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يقول لهم : إني أنا النذير المبين لكم ولغيركم كما قال سبحانه : إنما أنت منذر من يخشاها وتكون الكاف نعتا لمصدر محذوف والتقدير وقل قولا مثل ما أنزلنا على المقتسمين إنك نذير لهم فالقول للمؤمنين في النذارة كالقول للكفار المقتسمين لئلا يظن إنذارك للكفار مخالفا لإنذار المؤمنين بل أنت في وصف النذارة لهم بمنزلة واحدة تنذر المؤمن كما تنذر الكافر كما قال تعالى : إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون أه بحروفه وهو كما ترى ركيك لفظا ومعنى والله تعالى أعلم بمراده وعنده علم الكتاب وعضين جمع عضة وأصلها عضوة بكسر العين وفتح الضاد بمعنى جزء فهو معتل اللام من عضاه بالتشديد جعله أعضاء وأجزاء فالمعنى جعلوا القرآن أجزاء .
وقيل : العضة في لغة قريش السحر فيقولون للساحر : عاضه والساحرة عاضهة وفي حديث رواه ابن عدي في الكامل وأبو يعلى في مسنده لعن الله تعالى العاضهة والمستعضهة وأراد صلى الله عليه وسلّم الساحرة والمستحسرة أي المستعملة لسحر غيرها وهو على هذا مأخوذ من عضهته فاللام المحذوفة هاء كما في شفة وشاة على القول بأن أصلهما شفهة وشاهة بدليل جمعهما على شفاه وشياه وتصغيرهما على شفيهة وشويهة .
وعن الكسائي أنه من عضعه عضها وعضيهة رماه بالبهتان قبل : وأخذ العضه بمعنى السحر من هذا لأن البهتان لا أصل له والسحر تخييل أمر لا حقيقة له وذهب الفراء إلى أنه من العضاه وهي شجرة تؤذى كالشوك واختار بعضهم الأول وجمع السلامة لجبر ما حذف منه كعزين وسنين وإلا فحقه أن لا يجمع جمع السلامة المذكر لكونه غير عاقل ولتغير مفرده ومثل هذا كثير مطرد ومن العرب من يلزمه الياء ويجعل الإعراب على النون فيقول : عضينك كسنينك وهذه اللغة كثيرة في تميم وأسد وفي التعبير عن تجزئة القرآن بالتعضية التي هي تفريق الأعضاء من ذي الروح المسلتزم لإزالة حياته وإبطال اسمه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين ربما يوجدان فيما لا يضره التبعيض للتنصيص على قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم فو ربك لنسألنهم أجمعين .
92 .
- أي لنسئلن يوم القيامة أصناف الكفرة مطلقا المقتسمين وغيرهم سؤال تقريع وتوبيخ عما كانوا يعملون .
93 .
- في الدنيا من قول وفعل وترك فيدخل فيه ما ذكر من الإقتسام والتعضية دخولا أوليا أو لنجازينهم على ذلك وعلى التقديرين لا منافاة بين هذه الآية وقوله تعالى : فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان لأن المراد هنا حسبما أشرنا إليه إثبات سؤال التقريع والتوبيخ أو المجازاة بناءا على أن السؤال مجاز عنها وهناك نفي سؤال الإستفهام لأنه تعالى عالم بجميع أعمالهم وروي هذا عن ابن عباس وضعف هذا الإمام أنه لا معنى لتخصيص نفي سؤال الإستفهام بيوم القيامة لأن ذلك السؤال محال عليه تعالى في كل وقت وأجيب بأنه بناءا على زعمهم