الذين يعرفون أن سوء صنيعهم هو الذي ترك ديارهم بلا قع وأما غيرهم فيحملون ذلك على الإتفاق أو الأوضاع الفلكية وأفراد الآية بعد جمعها فيما سبق قيل لما أن المشاهد ها هنا بقية الآثار لا كل القصة كما فيما سلف وقيل : للإشارة إلى أن المؤمنين يكفيهم آية واحدة وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين .
78 .
- هم قوم شعيب عليه السلام والأيكة في الأصل الشجرة الملتفة واحدة الأيك قال الشاعر : تجلو بقادمتي حمامة أيكة بردا أسف لثاته بالأثمد والمراد بها غبضة أي بقعة كثيفة الأشجار بناء على ما روي أن هؤلاء القوم كانوا يسكنون الغيضة وعامة شجرها الدوم وقيل السدر فبعث الله تعالى إليهم شعيبا فكذبوه فأهلكوا بما ستسمعه إن شاء الله تعالى وقيل : بلدة كانوا يسكنونها وإطلاقها على ما ذكر إما بطريق النقل أو تسمية المحل باسم الحال فيه ثم غلب عليه حتى صار علما وأيد القول بالعلمية أنه قريء في الشعراء وصى ليكة ممنوع الصرف و إن عند البصريين هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف واللام هي الفارقة وعند الفراء هي النافية ولا إسم لها واللام بمعنى إلا والمعول عليه الأول أي وأن الشأن كان أولئك القوم متجاوزين عن الحد فانتقمنا منهم جازيناهم على جنايتهم السابقة بالعذاب والضمير لأصحاب الأيكة .
وزعم الطبرسي أنه لهم ولقوم لوط وليس بذاك روى غير واحد عن قتادة قال : ذكر لنا أنه جل شأنه سلط عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم منه ظل ولا يمنعهم منه شيء ثم بعث سبحانه عليهم سحابة فجعلوا يلتمسون الروح منها فبعث عليهم منها نارا فأكلتهم فهو عذاب يوم الظلة وإنهما أي محلى قوم لوط وقوم شعيب عليهما السلام وإلى ذلك ذهب الجمهور وقيل : الضمير للأيكة ومدين والثاني وإن لم يذكر هنا لكن ذكر الأول يدل عليه لإرسال شعيب E إلى أهلهما فقد أخرج ابن عساكر وغيره عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله تعالى إليهما شعيبا عليه السلام ولا يخلو عن بعد بل قيل : إن القول الأول كذلك أيضا لأن الأخبار عن مدينة قوم لوط عليه السلام بأنها لبإمام مبين .
79 .
- أي لبطريق واضح يتكرر مع الإخبار عنها آنفا بأنها لبسبيل مقيم على ما عليه أكثر المفسرين وجمع غيرها معها في الأخبار لا يدفع التكرار بالنسبة إليها وكأنه لهذا قال بعضهم : الضمير يعود على لوط وشعيب عليهما السلام أي وإنهما لبطريق من الحق واضح .
وقال الجبائي : الضمير لخبر هلاك قوم لوط وخبر هلاك قوم شعيب والإمام اسم لما يؤتم به وقد سمى به الطريق واللوح المحفوظ ومطلق اللوح المعد للقراءة وزيج البناء ويراد به على هذا اللوح المحفوظ .
وقال مؤرج الإمام : الكتاب في لغة حمير والأخبار عنهما بأنهما في اللوح المحفوظ إشارة إلى سبق حكمه تعالى بهلاك القومين لما علمه سبحانه من سوء أفعالهم ولقد كذب أصحاب الحجر يعني ثمود المرسلين .
80 .
- حين كذبوا رسولهم صالحا عليه السلام فإن من كذب واحدا من رسل الله سبحانه فكأنما كذب الجميع لاتفاق كلمتهم على التوحيد والأصول التي لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار وقيل : المراد بالمرسلين صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين على التغليب وجعل الأتباع مرسلين كما قيل : الخبيبون الخبيب ابن الزبير وأصحابه وقال الشاعر : .
قدني من نصر الخبيبين قدى .
والقول بأنه نزل كل من الناقة وسقبها