أي مصور من سنة الوجه وهي صورته وأنشد لذلك ابن عباس قول عمه حمزة يمدح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : أغر كأن البدر سنة وجهه جلا الغنيم عنه ضوؤه فتبددا وأنشد غيره قول ذي الرمة : تريك سنة وجه غير مقرفة ملساء ليس بها خال ولا ندب أو مصبوب من سن الماء صبه ويقال شن بالشين أيضا أي مفرغ على هيئة الإنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في القوالب وقال قتادة ومعمر : المسنون المنتن قيل : وهو من سننت الحجر على الحجر إذا حككته به فالذي يسيل بينهما سنين ولا يكون إلا منتنا وقيل : هو من سننت الحديدة على المسن إذا غيرتها بالتحديد وأصله الإستمرار في جهة من قولهم : هو على سنن واحد وهو صفة لحمإ ويجوز أن يكون صفة لصلصال ولا ضير في تقدم الصفة الغير الصريحة على الصريحة فقد قال الرضي : إذا وصفت النكرة بمفرد أو ظرف أو جملة قدم المفرد في الأغلب وليس بواجب خلافا لبعضهم والدليل عليه قوله تعالى : وهذا كتاب مبارك أنزلناه لكنه يحتاج إلى نكتة لا سيما في كلام الله تعالى لأنه لا يعدل عن الأصل لغير مقتض ولعل النكتة ههنا مناسبة المقدم لما قبله في أن كلا منهما من جنس المادة وقيل : إنما أخرت الصفة الصريحة تنبيها على أن ابتداء مسنونيته ليس في حال كونه صلصالا بل في حال كونه حمأ كأنه سبحانه أفرغ الحمأ فصور من ذلك تمثال إنسان أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت ثم غيره طورا بعد طور حتى نفخ فيه من روحه فتبارك الله أحسن الخالقين وقيل : المسنون المنسوب أي نسب إليه ذريته وهو كما ترى .
والجان هو ابو الجن كما روي عن ابن عباس ويجمع على جنان كحائط وحيطان وراع ورعيان قاله الطبرسي وقيل : هو إبليس وروي عن الحسن وقتادة لكن في الدر المصون أنه هو ابو الجن وقال ابن بحر : هو اسم لجنس الجن وتشعب الجنس لما كان من فرد واحد مخلوق من مادة واحدة كان الجنس مخلوقا منها وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد والجأن بالهمز وانتصابه بفعل يفسره خلقناه وهو هنا أقوى من الرفع للعطف على الجملة الفعلية من قبل أي من قبل خلق الإنسان قيل : ومن هنا يظهر جواز كون المراد بالمستقدمين أحد الثقلين وبالمستأخرين الآخر والخطاب بقوله تعالى منكم للكل وهو بعيد غاية البعد .
من نار السموم .
27 .
- أي الريح الحارة التي تقتل : وروي ذلك عن ابن عباس وأكثر ما تهب في النار وقد تهب ليلا وسميت سموما لأنها بلطفها تنفذ في مسام البدن ومنه السم القاتل ويقال : سم يومنا يسم إذا هبت فيه تلك الريح وقيل : السموم نار لا دخان لها ومنها تكون الصواعق وروي ذلك أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس فالإضافة من إضافة العام إلى الخاص وقيل : السموم إفراط الحر والإضافة من إضافة الموصوف إلى الصفة والمراد من النار المفرطة الحرارة وقد جاء في بعض الآثار ما يدل على أن النار التي خلق منها الجان أشد حرارة من النار المعروفة فقد أخرج ابن مردوية عن ابن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : رؤيا المسلم جزء من سبعين جزأ من النبوة وهذه النار جزء من سبعين جزأ من السموم التي خلق منها الجان وتلا